وفي الأصل أيضًا: أن الجناية على الأموال لا تلزم غير الجاني، وكان القياس أن لا يلزم العاقلة شيء من جناية الجاني، إلا أنه لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم إيجاب الدية في الغرة على العاقلة، وكانت قيمة الغرة خمسمائة درهم، نصف عشر الدية، تركوا له ظواهر الآية والقياس معه، وخصوها بما وردت به السنة، واتفق عليها علماء السلف.
والمعنى في لزوم الدية العاقلة: أن العقل في الأصل مبني على التناصر، وكانوا يتناصرون بالقبائل، ثم صارت النصرة في أيام عمر رضي الله عنه بالدواوين والرايات، فلذلك جعلها عمر على ذلك، فأمر أهل نصرته بمواساته إذا كانت جنايته واقعة على وجه الخطأ، ولم يكن عمدًا يوجب القصاص، لئلا يجحف بالقاتل في لزومه جميع الدية.
ولهذا المعنى فرق فيه بين القليل والكثير؛ لأنه قد يمكنه في العادة أن ينهض بالقليل وإن عجز عن الكثير، ولأجل التخفيف جعلت مؤجلة.
ثم جعل الفصل بين القليل والكثير على ما وردت به السنة، وهو نصف عشر الدية.