وعلى أنه مهما كان المعروف من شيء، فلا جائز أن يكون شرط الولي، وذلك لأن تزويج الولي إياها، لا يكون فعلاً منها في نفسها، والله تعالى إنما أجاز فعلها في نفسها، فغير جائز أن يكون المعروف المذكور في الآية رافعًا لحكم اللفظ، ومانعًا من إجازة ما اقتضى اللفظ جوازه من فعلها في نفسها.
فإن قيل: يحتمل أن يكون المراد بقوله: {فيما فعلن في أنفسهن}: اختيار الأزواج.
قيل له: عمومه يقتضي جواز الكل، ومن قصره على اختيار الزوج دون العقد، فهو تارك لحكم الآية بغير دلالة.
وأيضًا: فاختيارها الزوج لا يحصل به فعل في نفسها، فلا يجوز أن تتأول الآية على معنى لا يقتضيه اللفظ، ولا يحصل به حكم.
ودليل آخر: وهو قوله تعالى: {فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف}.
وفيه الدلالة من وجهين على صحة قولنا:
أحدهما: إضافته فعل العقد إليها بقوله: {أن ينكحن أزواجهن}، لأنه سواء قلت: نكحت أو عقدت، فاقتضى اللفظ جواز عقدها على نفسها.
والوجه الثاني: نهيه الولي في عضلها إذا تراضوا بينهم بالمعروف،