وأيضا: فلما كان قابضا له، سقط فيه اعتبار الضمان بالتسليم، وتعلق الضمان بالقبض، وقد وقد وجب به الضمان على الدافع، فامتنع وجوبه على المدفوع إليه، كما وصفنا.

فإن قيل: فلو دفع إلى رجل دراهم يشتري له بها عبدا، فاشترى بها أمة، أو دابة، أو شيئا مما يخالف فيه الآمر، وسلمها إلى البيع، كان للموكل أن يضمن إن شاء الوكيل، وإن شاء البيع، ومعلوم أن الوكيل إنما ضمنها بقبض البيع، وكذلك البيع تعلق عليه الضمان بذلك القبض بعينه، فقد صار قبضا واحدا، موجبا للضمان على اثنين.

وكذلك لو أن رجلا أكره رجلا حتى يسلم ماله إلى رجل، فسلمه، والقابض غير مكره، كان للمكره أن يضمن أيهما شاء، إن شاء ضمن الذي أكره، وإن شاء ضمّن القابض، فقد تعلق بقبض واحد الضمان على اثنين.

قيل له: ليس هذا من مسألتنا في شيء، من قبل أنّا قد بينّا في بدء اعتلالنا، أن المودع الثاني قابض للأول، فامتنع أن يجب بقبضه الضمان على الثاني، وقد وجب به الضمان على الثاني، وفيما سألت: البيع قابض لنفسه على الأول.

ألا ترى أن ما يلحقه من الضمان لا يرجع به على الآخر، فلم يمنع وجوب الضمان على القابض بقبضه، وعلى الآخر، وكذلك القابض من المكره قبضه لنفسه بالتسليم، إذ لم يكن تسليمه واقعا لنفسه.

وفي مسألة المودع، التسليم واقع للأول، وقد وجب الضمان عليه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015