فإن قيل: فالصدقة في المرض لا رجوع فيها، ولم تكن في معني العتق.
قيل له: يصح الرجوع في الصدقة بعد الموت، إذا لم تخرج من الثلث، ولا يصح في المحاباة والعتق.
فإن قيل: المحاباة قد يصح فسخها، والعتق لا يصح فسخه، فالعتق أولى.
قيل له: المحاباة لا يصح فسخها من جهة الميت، ولا من جهة الورثة؛ لأن للمشتري أن يقول: أنا أزيد في الثمن إلى تمام ثلثي القيمة، فلا يكون لهم سبيل إلى فسخها، وإنما يصح فسخها من جهة المشتري، لا من جهة الميت أو الورثة، وإنما يحتاج إلى أن يعتبر ما يصح فسخه من جهة الميت أو الورثة، فيستدل بانقطاع حقهم في الفسخ على تأكده، فأما وقوع الفسخ من جهة الموصى له، فلا اعتبار به.
* وأما إذا بدأ بالعتق، ثم المحاباة، فإنهما يتحاصان؛ لأن العتق له مزية البدء، ووقوعه قبل الموت، من غير حق فسخ فيه لأحد، والمحاباة لها مزية العوض، فإنها لا يلحقها الفسخ أيضًا، فتساويا جميعًا، ولم يكن لأحدهما مزية على صاحبه، فلذلك تحاصا.
* ولأبي يوسف ومحمد: أن المحاباة قد يلحقها الفسخ، إذا لم يرض المشتري بزيادة الثمن، والمعتق لا يلحقه الفسخ بحال، فكان أولى منها، كما كان العتق أولى من الوصية بالمال.
مسألة: [اجتماع عدة فرائض في الوصية]
قال: (ومن أوصى بوصايا لقوم بأعيانهم، وأوصى بزكاة عليه، وكفارات أيمان، وحج، والثلث يقصر عن جميع ذلك: ضرب بالوصايا