أنه لما أخرجه مخرج ما فيه عوض، كان أولى، فكذلك ما ذكرنا.
فإن قيل: فالعتق لا يلحقه الفسخ، والبيع يلحقه الفسخ.
قيل له: الدين مما يلحقه الفسخ، ومع ذلك فهو أولى من العتق الذي لا يجوز فسخه.
فإن قيل: لو كانت المحاباة بمنزلة الدين، لجازت على الورثة، ولم تكن من الثلث، كما أن الدين ليس من الثلث.
قيل له: افترقهما من هذا الوجه، لا يمنع الجمع بينهما في وجوب البدء به على العتق.
ألا ترى أن العتق في المرض من الثلث، ومع ذلك يبدأ به على الوصية بالمال، لتأكد حاله، كذلك المحاباة لما تأكدت بما وصفنا من شبهها بالدين، من الوجه الذي ذكرنا، وجب أن يبدأ بها على العتق إذا بدأ بها.
وأيضًا: فإن المحاباة لما ساوت العتق في باب أن كل واحدٍ منهما قد صح في المرض، انقطع حق الميت في الرجوع فيها، ثم وجدنا للمحاباة فضل مزية من جهة وقوعها على العوض، ومن جهة البدء بها، وعدمنا ذلك في العنق، وجب أن تكون المحاباة مقدمة عليه.
ألا ترى أن الجميع متفقون على وجوب تقديم العتق على الوصية بالمال، لوقوعه وصحته في حياته، وانقطاع حقه في الرجوع فيه، كذلك المحاباة، لما صار لها من المزية ما وصفنا، كانت أولى من العتق.