* ومما يدل على أن من شرط الهبة والصدقة القبض: أنهما تسرع ومعروف من جهة الواهب والمتصدق، فأشبهتا القرض، من حيث كان تبرعًا ومعروفًا لم يصح بالقول دون معنى ينضم إليه.

ويشبهان العارية أيضا، لما كانت تبرعًا ومعروفًا: لم يثبت حكمها بالقول دون معنى ينضم إليه، لو قال لرجل: أعرتك دابتي هذه، لم يثبت له عليه بها حق ولا مطالبته في تسليمها إليه.

وكذلك لو قال: أعرتك شهرًا، لم يثبت حكمها بالقول دون معنى ينضم إليه، فوجب أن تكون الهبة والصدقة مثلها في أنهما لا يصحان بالقول.

وإذا ثبت أنهما مفتقرتان في صحة وقوع الملك بهما إلى معنى غير القول، ولم يشترط أحد فيهما معنى غير القبض، وجب أن يكون القبض هو الذي يصح به وقوع الملك بعقد الهبة والصدقة.

ولا يلزم على ما ذكرنا الوصية، لأنها أيضا لا يصح بالقول، ولا تلك به دون معنى آخر ينضم إليه، وهو الموت.

ولو جعلنا الوصية أيضا أصلًا للهبة والصدقة: جاز أيضًا في أنه لا تملك فيها بالقول دون معنى آخر ينضم إليه، إذ كانت تبرعًا ومعروفًا، فوجب أن تكون كذلك الهبة والصدقة، لوجود العلة.

ثم اختلافهما من جهة أن المعنى المضموم إلى الهبة والصدقة هو القبض، والمضموم إلى الوصية هو الموت: لم يمنع الجمع بينهما من الوجه الذي ذكرنا، وهو أن كل واحد منهما لا يوجب الملك بالقول دون انضمام معنى آخر إليه.

وإنما لم تحتج الوصية إلى القبض في صحة وقوع الملك به بعد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015