وإذا كان ذلك سبيل أملاك النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته، فلا دلالة فيه على صحة الوقف في أملاكنا على الوجه الذي ذهب إليه مخالفنا؛ لأنه لو لم يكن وقفها، لكانت وفقًا بعد موته.
فإن قيل: هذا الخبر يرد ظاهر الكتاب؛ لن الله تعالى قال حاكيُا عن زكريا: {فهب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من إل يعقوب}، فأخبر أن ابنه يرثه.
قيل له: لا يجوز أن يكون المراد وراثة المال، وإنما المعنى فيه وراثة النبوة، والحكمة، والقيام بالشرعية.
وذلك لأنه قال: {وإني خفت المولى من وراءى}، ومعلوم أن النبي عليه السلام لا يأسف على أن يصير المال لمستحقه، بل كانت الدنيا أهون في عينه في حال حياته من أن يأسف بعد موته أن تصير لبني أعمامه.
فدل أن المراد وراثة العلم والقيام بالدين، كما قال الله تعالى: {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا}
وكما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أن العلماء ورثة الأنبياء، والأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا، إنما أورثوا العلم، فمن أخذ به فقد