وما روي في أوقاف النبي صلى الله عليه وسلم، وأوقاف علي وسائر الصحابة رضي الله عنهم، وبأن عثمان اشتري بئر رومة في أيام النبي صلى الله عليه وسلم، وجعلها للمسلمين، فالجواب:
أنه ليس فيما ذكره ما يعترض به على قولنا ولا يخالفه، وذلك لأنا نجيز جميع ذلك على ما روي في هذه الأخبار، وليس في شيء منها بيان الخلاف بيننا، لأنا نقول يجوز أن يحبس أصلها، ويتصدق بثمرتها، ويشترط فيها أنها لا تباع ولا تورث، ويكون ذلك عدة منه في أن لا يبيعها، وأمرا للورثة أن لا يعترضوا في فسخها، وإبطالها.
وليس في شيء منه دليل على منع البيع، وانتقال الملك فيها، وإنما بقيت أوقاف الصحابة بعدهم على مر السنين والأوقات؛ لأن ورثتهم أمضوا على ما كان الواقف شرطه فيها.
وأما وقف النبي صلى الله عليه وسلم، فلأنه قال: "إنا معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركنا صدقة"، هكذا رواه مالك بن أوس بن الحدثان عن عمر رضي الله عنه.
واستشهد عمر على ذلك عليًا، والعباس، وطلحة، والزبير في آخرين من الصحابة رضي الله عنهم، فصدقوه، واعترفوا به.