ثم يقال له: فالعلة التي ذكرتها في الشرب والحقوق، غير موجودة فيها؛ لأن هذه أتباع وحقوق الأرضين، وليست الأرض التي بين الأرض تبعا للنخل.
ألا ترى أنه لا يصح العقد على الحقوق والشرب على حيالها، ويصح عقد الإجارة على الأرض التي بين النخل على حيالها، وكذلك سائر العقود، ولو عقد على النخل: لم تدخل الأرض التي بينها فيه.
فلما كان كذلك، لم يختلف حكمها وحكم الأرض البيضاء بلا نخل، وفارقت ما ذكرت من أمر الشرب وحقوق الدار.
فصل:
فإن قال قائل: هلا أجزت المساقاة والمزارعة قياسا على المضاربة.
قيل له: لأنا لا نقيس على المخصوص إلا أن تكون علة القياس منصوصا عليها، إذ كانت الأصول تمنع منها، ولولا ورود السنة، والاتفاق لجواز المضاربة، فلا يجوز أن يكون أصلا لما وصفنا، لاتفاق الجميع على أن جوازها غير مؤقتة، وكل من أجاز المزارعة والمساقاة، لم يجزها إلا مؤقتة، فعلمنا أن المضاربة شركة على وجه الإجارة، كشركة العنان ونحوها، وأن المساقاة والمزارعة إجارة، فلا تجوز إلا بأجر معلوم كسائر الإجارات.
ووجه آخر: وهو أنه لو شرط في المضاربة أن يكون رأس المال والربح جميعا بينهما نصفين: فسدت المضاربة، ولو شرط في المزارعة أن يكون لرب البذر مقدار البذر، ثم الباقي نصفين: لم تصح المزارعة،