واستعملنا مع ذلك الأخبار الواردة في النهي عن المخابرة والمزارعة، ولم نبطلها لأجل ما ذكرنا من أمر خيبر، إذ لو لم ترد هذه الأخبار التي فيها النهي، لما لزمنا قياس عقود المسلمين في الإجارات على قصة خيبر، لما بينا أن كل واحد منها أصل برأسه، لا يقاس على غيره.

*ومما يجل على أن أمر خيبر مخصوص في أهل الحرب، لا يقاس عليه سائر العقود التي فيما بين أهل الإسلام: أن القائلين بالمساقاة والمزارعة لم يقيسوا عليها جواز دفع الغنم إلى الراعي بنصف ألبانها وأولادها.

ولو كان أمر خيبر أصلا في هذه العقود، لما اختلف حكم الغنم في دفعا إلى الراعي بنصف النماء، ودفع النخل إلى العامل بنصف الثمار.

وامتنع الشافعي من إجارة المساقاة إلا في النخل والكرم، ولم يجزها في سائر الشجر، وعلى أن في الخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم دفع إليهم الأموال بالنصف، وذلك يقتضي دخول سائر الشجر؛ لأنه يمتنع في العادة أن يخلو مثل خيبر ألا يكون فيها شجر غير النخل، وظاهر ذلك يقتضي دخول الشجر في المساقاة لأهل خيبر.

وعلى أن خيبر لم يكن فيها كرم، وقد أجازها المخالف على الكرم، فيلزمه مثله في سائر الشجر.

وأيضا: لما وافقنا مالك والشافعي على بطلان المزارعة في الأرض البيضاء، وكان المعنى فيها: شرط بعض الخارج بدلا من عمله، وذلك موجود في المساقاة، وجب أن يكون مثلها، وتعديها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015