وهو ما روى عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاتل أهل خيبر حتى ألجأهم إلى قصرهم، فغلب على الأرض، والزرع، والنخل، فقالوا: يا محمد: دعنا نكون في هذه الأرض، نصلحها، ونقوم عليها".
فجائز أن يكون أقرهم عليها على وجه الصبح.
قيل له: وأحسب الأمر كذلك، فإن مثله لا يكون أصلا للزراعة والمساقاة فيما بين أهل الإسلام؛ لأنا نجيز مثل هذا الصلح فيما بيننا، وبين أهل الحرب.
وهذا الخبر يدل على صحة ما قلنا، من أن أمر خيبر ليس بأصل فيما ذكرنا؛ لأنه صالحهم وهم متحصنون، فحقن دماءهم بما شرط عليهم من نصف الثمار، وهذا أيضا في معنى الجزية.
وإذا كانت حال خيبر على ما وصفنا: لم يصح الاحتجاج به لمخالفنا في المساقاة والمزارعة بين المسلمين.
*وما ذكره السائل من أن ورود أمر خيبر من جهة التواتر، وأنه لا يجوز الاعتراض عليه بأخبار الآحاد: فكلام فارغ لا معنى له؛ لأنا لم نعلم أن أمر خيبر منسوخ، بل هو ثابت جائز إذا كان الحال مثل حال أهل خيبر، من أخذ على وجه الجزية، أو على جهة حقن دم من حصل في أيدينا على وجه الفيء، أو على جهة الصلح بيننا وبين أهل الحرب.