وذلك لأن الراوي كثيرا ما يروي الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام، ويعطف عليه قول نفسه، فيدرجه فيه، فيظن السامع أن الجميع عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأقل أحوال ما كان هذا سبيله، أن لا نثبته عن النبي عليه الصلاة والسلام؛ لأنه غير جائز إثبات الرواية عنه بالاحتمال.

وأما حديث أبي هريرة من طريق ابن جريج روايته عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا قسمت الأرض وحدت، فلا شفعة فيها".

فإنما فيه نفي الشفعة بالقسمة.

وكذلك نقول: إن القوم إذا قسموا أرضا، أو دارا بينهم: لم تجب بالقسمة الشفعة بهذا الخبر.

ولا دلالة له على نفي وجوب الشفعة بالبيع.

وكذلك سائر الألفاظ التي ذكرت في نحو ذلك، بعد ذكر الشفعة للشريك، لو صحت: كان معناها معنى إيجاب الشفعة بالقسمة.

وفي حديث جابر تأويل آخر، وهو أنه ذكر فيه: "فإذا وقعت الحدود، وصرفت الطرق، فلا شفعة".

ومعناه: إذا كان بين الدارين طريق نافذة فلا شفعة، وكذلك نقول: إن الجار غير الملاصق لا شفعة له وإن تناوله اسم الجار.

*ووجه آخر: وهو أنه يحتمل أن يكون رجلان اختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أحدهما جار، والآخر شريك، فنفى شفعة الجار مع الشريك، فقال: فإذا وقعت الحدود، فلا شفعة للجار مع الشريك في الطريق، أو في نفس المبيع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015