ثم أكده بأحد وصفي الشهادة، وهو العدالة، أو العدد؛ لأن الشهادة التي يصح الحكم بها تنظيم معنيين: العددـ، والعدالة، فلما اقتضى هذا الخبر ضربا من التأكيد، لم يحتج مع ذلك فيه إلى جميع شرائط الشهادة، على الوصف الذي بينا.
وليس يمتنع في الأصول تنزيل الأخبار على مراتب، على حسب اختلاف أحوال مخبر فيها.
* [اختلاف عدد الشهود وصفتهم باختلاف المشهود به:]
ألا ترى أن الأخبار الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في إثبات الأحكام، لها منازل في القبول وشرائط، على حسب اختلاف أحوال المعاني التي وردت فيها:
فمنها: ما يقبل فيه خبر الواحد العدل.
ومنها: ما شرطه الاستفاضة، وتلقي الناس إياه بالقبول.
ومنها: ما شرطه التواتر الموجب للعلم.
وكان علي رضي الله عنه يقول: "كنت إذا سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم حديثا نفعني الله بما تشاء منه، وإذا حدثني غيره استحلفته، ثم صدقته، وحدثني أبو بكر الصديق- وصدق أبو بكر- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
ما من رجل يذنب ذنبا فيتوضأ، فيحسن الوضوء، ثم يصلي ركعتين،