فأما قبول خبر الواحد في الوكالة من شرط العدالة، فلأنه من أخبار المعاملات، نحو الإذن في دخول الدار، وقبول الهدية بخبر الواحد.
قال الله تعالى: {لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا}، ثم قال، {فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم}.
فأباح الدخول بإذن الواحد: من كان من الناس.
وقبول أخبار الآحاد في هذا الضرب من المعاملات لا خلاف بين الفقهاء فيه.
*وأما الرسول في العزل، فإنما صح به العزل، ولم تشرط فيه العدالة: من قبل أن الرسول قائم مقام المرسل في الأداء، كما يقوم في الكتاب مقام الكاتب، وقد كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى ملوك الآفاق، وأرسل إليهم رسلا يدعوهم إلى الإسلام، فقام كتابه ورسوله مقامه عليه الصلاح والسلام في الأداء، والدعاء إلى الدين، كذلك الرسول في العزل عن الوكالة، فليس بدون الكتاب أيضا.
وأما إذا أخبره مخبر بالعزل على غير وجه الرسالة، فإن أبا حنيفة قال: ينبغي أن يكون خبر العزل آكد من خبر التوكيل؛ لأنه قد ثبت له حق التصرف بغير ضمان يلحقه، وخبر المخبر بالعزل يلزمه الضمان بالتصرف، فوجب أن يكون آكد من خبر الوكالة.