قال أبو الحسن: ويجيء في قول أبي يوسف أن يضمن المعتق قيمة عبد الخدمة.
ألا ترى أن قاتل عبد الرهن، تؤخذ منه القيمة، فتكون رهنا مكانه، كما قال أبو يوسف في العبد المصالح على خدمته سنة إذا قتل، فأخذ قيمته.
*وكان أبو الحسن رحمه الله يحتج قول أبي يوسف في مسألة العبد المصالح على خدمته إذا قتل: أنه أجراه في هذا الوجه مجرى الوصية بالخدمة، من قبل أنه لم يثبت عن هذه الخدمة للمدعى عليه بدل في الظاهر، فكأنها خدمة يستحقها بنفسها، كالعبد الموصى بخدمته.
قال: ويدل على أن المدعى عليه لم يحصل له عنها بدل: أنه لو صالحه من دعواه على عبد، لم يجب للشفيع الشفعة في الدار المدعاة.
وعلى هذا المعني أجرى أبو الحسن مسألة الصلح على سكنى بيت منها.
فإن قال قائل: الوصية بالسكنى لا تنتقل إلى ورثة الموصى له، فإن كان الصلح بمنزلة الوصية، فالواجب أن يبطل بالموت.
قيل له: ليس يمتنع أن نجعله بمنزلة الوصية من وجه، وإن اختلفا من وجه آخر، فأما وجهة اشتباههما فهي أن هذه خدمة، أو سكنى مستحقة بنفسها، فلا يبطلها قتل العبد، ولا موت أحدهما.
ويختلفان من جهة أن هذا لا يبطله موت المدعي.
ويفصل بينهما: بأن الموصي إنما أوصى بالخدمة لهذا، فإذا مات بطلت الوصية، لاستحالة وجود الخدمة الموصى بها، فلم يكن هناك بعد موته وصية تنتقل إلى الوارث.