مالك حين لزم غريما له في المسجد، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "خذ النصف، فرضي بذلك".
فثبت به جواز الصلح من الألف على خمس مائة، ولو لم يقع ذلك على جهة البراءة: لما جاز؛ لأنه كان يكون بيع ألف بخمس مائة.
ومن الدليل على أنه براءة: أنا وجدنا عقد الصلح مخصوصا بهذا الاسم، دون غيره من العقود، فدل اختصاصه بهذا الاسم على أنه اختص به، لمعنى فارق به سائر العقود، وهو معنى البراءة.
وإذا ثبت أنه براءة، جاز من المجهول؛ لأن البراءة من المجاهيل جائزة، لما بينا في غير هذا الموضع.
ويدل عليه أيضا: ما روي "أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث عليا عليه السلام إلى بني جذيمة حين قتل خالد بن الوليد من قتل منهم، ودفع إليه مالا، وأمره أن يدي لهم قتلاهم، وما استهلك من أموالهم، قال: فودى لهم كل ما أخذ منهم حتى ميلغة الكلب، وبقيت في يده بقين من مال، فقال أعطيكم هذا مما لا تعلمونه، ولا يعلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم جاء فأخبر النبي عليه الصلاة والسلام، فسر به النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: ما يسرني بها حمر النعم".