قد انتظم القيمة، لاتفاق الجميع على أن ما لا نظير له من النعم: فالواجب فيه بالقيمة، فإذا أريد به القيمة في بعض ما دخل في اللفظ، وجب أن يكون المراد بالجميع القيمة، لأنه لا يجوز أن يرادا جميعا بلفظ واحد.
وأيضا: فإنا إذا حملناه على القيمة، كان اللفظ عاما في الجميع، والنظير يكون خاصا في البعض، وحمل اللفظ على معنى ينتظم العموم، أولى من حمله على معنى الخصوص.
وأيضا: قال الله تعالى: {فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم}، فكان هذا المثل هو القيمة في حق الآدمي، فوجب أن يكون كذلك فيما يجب من حق الله.
وأيضا: فإن القيمة أعدل من النظير من النعم، ألا ترى أن الظبي الذي قتله لو كان ملكا لآدمي، كان الذي يجب عليه للآدمي القيمة، وكانت القيمة في حق الآدمي أعدل من النظير، كان كذلك في حق الله.
وقول الله تعالى: {فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة}، فإن معناه: إن اختار الهدي بالقيمة الواجبة، لأنه خيره بينه وبين الطعام والصيام بقوله: {أو كفارة طعام مساكين}.