وتبقى في هذا الباب مسألة واحدة: وهي أنه إذا قلنا بأن سب الله أو النبي صلى الله عليه وسلم كفر، فهل سب الأنبياء مثل سب النبي صلى الله عليه وسلم أم لا؟ يعني: هل إذا تجرأ أحدهم على النيل من عرض النبي صلى الله عليه وسلم كان كمن يتجرأ على عرض عيسى ونوح وموسى عليهم السلام في الحكم أم لا؟ فقد يتجرأ بعض هؤلاء الأوباش على النبي صلى الله عليه وسلم فيقوم بعض الجهلاء بسب عيسى عليه السلام انتقاماً للنبي صلى الله عليه وسلم بزعمهم، وهذا جهل عميق؛ فإن الله جل في علاه يأبى أن تنتهك أعراض أنبيائه بحال من الأحوال، قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا * أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا} [النساء:150 - 151]، فأحاط بهم الكفر من جميع الجهات، وقال جل في علاه: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ} [الشعراء:105]، مع أنهم كذبوا لوطاً فقط، ومع ذلك عمم الله جل في علاه وقال: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ} [الشعراء:105]؛ لأن القدح في رسول واحد قدح في جميع الأنبياء والمرسلين، وأعراض الأنبياء كعرض نبينا صلى الله عليه وسلم، فمن سب عيسى أو موسى أو غيرهما من الأنبياء فقد كفر وخرج من الملة.