عقيدة الجهمية والمرجئة فيمن سب الرسول وفي الإيمان

نقول: من سب الرسول صلى الله عليه وسلم فقد كفر، ومن قال: إنه لا يكفر بل ينتظر ليعلم هل استحل ذلك بقلبه أم لا، أو كان من سوء الأدب أو كان قالها عبثاً مع اعتقاده بالحرمة؟ فقد قال بكلام المرجئة، بل هذا كلام غلاة الجهمية؛ لأن الشبهة التي عند الجهمية والمرجئة هي: أنهم يرون أن الإيمان هو مجرد التصديق، ويستدلون على ذلك بقوله تعالى: {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ} [يوسف:17] يعني: بمصدق لنا، وقوله تعالى: {وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنْبُوعًا} [الإسراء:90] يعني: لن نصدقك حتى تأتينا بهذه المعجزات.

قالوا: فالإيمان هو التصديق، والتصديق محله القلب، وقالوا: يصح لمن اعتقد إكرام شخص أن يهينه؛ لأنه يعتقد أنه يجب عليه أن يكرمه، فإن اعتقد هذا الاعتقاد فاعتقاده صحيح وفعله معصية، فإن كان اعتقاده قد استقر في القلب على تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم، ووجوب إكرام النبي صلى الله عليه وسلم، وتقديم نفس النبي صلى الله عليه وسلم على نفسه، واعتقد هذا الاعتقاد الجازم ووقعت منه المخالفة فهو عاص؛ لأن اعتقاده في القلب ما زال سديداً سليماً فلا يكفر بذلك.

وهذا الكلام خبط عشوائي، بل هو كلام باطل من كل الوجوه، ومن قال به فهو مبتدع ضال مرجئ، ولابد أن ندعوه إلى دين الله جل في علاه، وإلى القول السديد وهو قول أهل السنة والجماعة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: وهذه الزلة المنكرة جاءت لبعض العلماء الذين نظروا في قول الفقهاء لاغترارهم بكلمات خرجت من بعض المتكلمين، فظنوا أن المسألة خلافية، وأنها يقع فيها الاجتهاد، فالمصيب له أجران والمخطئ له أجر، فإذا قلنا بأن المسألة خلافية فلا إجماع، ولو قلنا: إن المسألة خلافية فلا إنكار، وهذا من البطلان بمكان، فالصحيح الراجح: أن الكتاب والسنة مع الإجماع يجزمان بكفر الذي يسب الله جل في علاه، أو يسب رسوله صلى الله عليه وسلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015