. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

لِأَنَّا لَا نَقُولُ: إِنَّ الْحُكْمَ الْمُعَلَّلَ بِالْحَوَادِثِ هُوَ نَفْسُ كَلَامِ اللَّهِ، بَلْ هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَفَرْقٌ بَيْنَ الْكَلَامِ وَمُقْتَضَاهُ، إِذِ الْكَلَامُ إِمَّا مَعْنًى نَفْسِيٌّ، أَوْ قَوْلٌ دَالٌّ. وَمُقْتَضَى الْكَلَامِ هُوَ مَدْلُولُ ذَلِكَ الْقَوْلِ، وَالْمَطْلُوبُ بِهِ. وَفِيمَا ذَكَرَهُ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْجَوَابِ عَنْ أَسْئِلَةِ الْمُعْتَزِلَةِ، نَوْعُ تَكَلُّفٍ وَلَعَلَّهُمْ إِذَا حُوقِقُوا عَلَيْهِ رُبَّمَا تَعَذَّرَ عَلَيْهِمْ تَمْشِيَتُهُ، وَإِنَّمَا ذَكَرْتُ فِي الْمُخْتَصَرِ مِنْ أَسْئِلَةِ الْمُعْتَزِلَةِ وَاحِدًا عَلَى جِهَةِ ضَرْبِ الْمِثَالِ لِمَا يَرِدُ عَلَى تَعْرِيفِ الْحُكْمِ بِالْخِطَابِ، وَهَاهُنَا زِدْتُ السُّؤَالَيْنِ الْآخَرَيْنِ وَجَوَابَهُمَا تَكْمِيلًا لِفَائِدَةِ النَّاظِرِ.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُنَا: مُقْتَضَى الْخِطَابِ هُوَ أَنَّا نَعْلَمُ بِالضَّرُورَةِ أَنَّ نَظْمَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} [الْبَقَرَةِ: 43] ، فِي الْأَمْرِ، {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا} [الْإِسْرَاءِ: 32] ، فِي النَّهْيِ، لَيْسَ هُوَ الْحُكْمُ قَطْعًا، وَإِنَّمَا الْحُكْمُ هُوَ مُقْتَضَى هَذِهِ الصِّيَغِ الْمَنْظُومَةِ وَمَدْلُولُهَا، وَهُوَ وُجُوبُ الصَّلَاةِ الْمُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} ، وَتَحْرِيمُ الزِّنَى الْمُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا} ، وَإِذَا كُنَّا نَعْلَمُ قَطْعًا أَنَّ نَفْسَ الْكَلَامِ اللَّفْظِيِّ، لَيْسَ هُوَ الْحُكْمُ، فَلَا مَعْنًى لِتَعْرِيفِ الْحُكْمِ بِالْخِطَابِ.

وَقَوْلُنَا: «عِنْدَ اسْتِدْعَاءِ الشَّرْعِ مِنَّا تَنْجِيزُ التَّكْلِيفِ» أَيِ: الْحُكْمُ مُقْتَضَى الْخِطَابِ، وَهُوَ الْوُجُوبُ وَالتَّحْرِيمُ، عِنْدَ أَمْرِ الشَّارِعِ لَنَا بِإِيقَاعِ الْوَاجِبَاتِ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015