. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فَأَجَابُوا عَنِ الْأَوَّلِ - وَهُوَ أَنَّ الْحُكْمَ يُعَلَّلُ بِالْحَوَادِثِ فَيَكُونُ حَادِثًا - بِأَنْ قَالُوا: عِلَلُ الشَّرْعِ مُعَرِّفَاتٌ لَا مُؤَثِّرَاتٌ، وَالْمُعَرِّفُ لِلشَّيْءِ يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ عَنْهُ، كَمَا عُرِفَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِصَنْعَتِهِ، وَإِنْ كَانَتْ مُتَأَخِّرَةً عَنْهُ.
وَأَجَابُوا عَنِ الثَّانِي - وَهُوَ أَنَّ الْحُكْمَ صِفَةُ فِعْلِ الْمُكَلَّفِ، وَصِفَةُ الْحَادِثِ حَادِثَةٌ - بِأَنْ قَالُوا: إِنَّمَا تَكُونُ صِفَةُ الْحَادِثِ حَادِثَةً إِذَا قَامَتْ بِهِ، كَاللَّوْنِ وَالطَّعْمِ وَنَحْوِهِمَا بِالْجِسْمِ. أَمَّا إِذَا لَمْ تَقُمِ الصِّفَةُ بِالْمَوْصُوفِ، فَلَا يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ حَادِثَةً، كَقَوْلِنَا فِي قِيَامِ السَّاعَةِ: إِنَّهُ مَعْلُومٌ وَمَذْكُورٌ، أَيْ: بِعِلْمٍ وَذِكْرٍ قَائِمٍ بِنَا لَا بِهِ، وَتَعَلُّقُ الْأَحْكَامِ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ، لِأَنَّ الْأَفْعَالَ قَائِمَةٌ بِالْمُكَلَّفِينَ، وَالْأَحْكَامُ قَائِمَةٌ بِذَاتِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مَعْنًى أَوْ عِبَارَةً، كَمَا إِذَا قَالَ السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ: أَسْرِجِ الدَّابَّةَ، فَإِنَّ الْإِسْرَاجَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ بِإِيجَابٍ قَامَ بِالسَّيِّدِ.
وَأَجَابُوا عَنِ الثَّالِثِ - وَهُوَ أَنَّ الْأَحْكَامَ مَسْبُوقَةٌ بِالْعَدَمِ فَتَكُونُ حَادِثَةً - بِأَنْ قَالُوا: لَيْسَ الْمُرَادُ بِقَوْلِنَا: حَلَّتِ الْمَرْأَةُ بَعْدَ أَنْ لَمْ تَكُنْ حَلَالًا، أَنَّ الْحِلَّ وُجِدَ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ، حَتَّى يَلْزَمَ حُدُوثُ الْحُكْمِ، بَلِ الْمُرَادُ أَنَّ الْقَائِمَ بِذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى - وَهُوَ الْحِلُّ أَوِ الْإِحْلَالُ - تَعَلَّقَ فِي الْأَزَلِ بِوُجُودِ حَالَةٍ، وَهِيَ حَالَةُ اجْتِمَاعِ شَرَائِطِ النِّكَاحِ وَانْتِفَاءِ مَوَانِعِهِ، فَتِلْكَ الْحَالَةُ هِيَ الَّتِي وُجِدَتْ بَعْدَ أَنْ لَمْ تُوجَدْ، لَا الْحُكْمُ.
قُلْتُ: فَإِذَا قُلْنَا: الْحُكْمُ مُقْتَضَى خِطَابِ الشَّرْعِ، لَمْ تَرِدْ عَلَيْنَا هَذِهِ الْأَسْئِلَةُ،