. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
تَفْصِيلِيَّةٍ، بَلْ أَرَدْنَا تَبْيِينَ أَنَّ أَدِلَّةَ هَذَا الْعِلْمِ تَفْصِيلِيَّةٌ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ نَفْيُ التَّفْصِيلِ عَنْ أَدِلَّةِ غَيْرِهِ وَلَا إِثْبَاتُهُ.
قَوْلُهُ: «وَلَوْ قِيلَ: ظَنُّ جُمْلَةٍ» أَيْ: لَوْ قِيلَ: الْفِقْهُ: «ظَنُّ جُمْلَةٍ مِنَ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الْفَرْعِيَّةِ، بِاسْتِنْبَاطِهَا مِنْ أَدِلَّةٍ تَفْصِيلِيَّةٍ، لَحَصَلَ الْمَقْصُودُ» يَعْنِي مَقْصُودَ الْحَدِّ الْأَوَّلِ، أَوْ مَقْصُودَ حَدِّ الْفِقْهِ، إِذْ لَا تَفَاوُتَ بَيْنَهُمَا، «وَخَفَّ الْإِشْكَالُ» ، لِأَنَّ الْإِشْكَالَ الَّذِي وَرَدَ عَلَى لَفْظِ الْعِلْمِ فِي الْحَدِّ الْأَوَّلِ لَا يَرِدُ هَاهُنَا.
وَكَذَلِكَ السُّؤَالُ الْوَارِدُ عَلَى لَفْظِ «الْأَحْكَامِ» ، هَلِ الْمُرَادُ بَعْضُهَا أَوْ جَمِيعُهَا؟ وَلَا يَرِدُ أَيْضًا، لِقَوْلِنَا: «ظَنُّ جُمْلَةٍ مِنَ الْأَحْكَامِ» ، وَقُلْتُ: خَفَّ الْإِشْكَالُ، وَلَمْ أَقُلْ: زَالَ الْإِشْكَالُ، لِأَنَّهُ يُرَدُّ عَلَيْهِ مَعَ ذَلِكَ أَنَّ شَأْنَ الْحَدِّ التَّحْقِيقُ. وَقَوْلُنَا: «ظَنُّ جُمْلَةٍ مِنَ الْأَحْكَامِ» لَيْسَ تَحْقِيقًا، بَلِ الْجُمْلَةُ مَجْهُولَةُ الْكَمِّيَّةِ، وَلِذَلِكَ قَيَّدَهَا الْآمِدِيُّ فِي «الْمُنْتَهَى» بِقَوْلِهِ: الْعِلْمُ بِجُمْلَةٍ غَالِبَةٍ مِنَ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الْفَرْعِيَّةِ بِالنَّظَرِ وَالِاسْتِدْلَالِ.
وَفِيهِ أَيْضًا إِجْمَالٌ، لِأَنَّ غَلَبَةَ هَذِهِ الْجُمْلَةِ لَا يُعْلَمُ حَدُّهَا، وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: ظَنُّ جُمْلَةٍ غَالِبًا عُرْفًا، وَأَخْبَرَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ عَنِ الشِّرِمْسَاحِيِّ - وَأَظُنُّ أَنِّي رَأَيْتُهُ فِي كِتَابِهِ - أَنَّهُ رَامَ التَّخَلُّصَ عَنْ هَذَا الْإِشْكَالِ بِقَوْلِهِ: ظَنُّ جُمْلَةٍ مِنَ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، يَخْرُجُ بِهَا عَنْ عِدَادِ الْعَامَّةِ فِي الْعُرْفِ، وَهُوَ رَاجِعٌ إِلَى مَا قَبْلَهُ.