. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ تَهَيُّؤُهُ، يَعْنِي تَهَيُّؤَ الْمُجْتَهِدِ لِلْعِلْمِ بِالْجَمِيعِ لِأَهْلِيَّتِهِ لِلِاجْتِهَادِ، لِمَا عِنْدَهُ مِنْ الِاسْتِعْدَادِ بِمَعْرِفَةِ أَدِلَّةِ الْأَحْكَامِ، وَوُجُوهِ دَلَالَتِهَا، وَكَيْفِيَّةِ اقْتِبَاسِ الْأَحْكَامِ مِنْهَا، وَذَلِكَ هُوَ أَصُولُ الْفِقْهِ.

وَحَاصِلُ هَذَا الْجَوَابِ، أَنَّهُ لَيْسَ الْمُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِجَمِيعِ الْأَحْكَامِ بِالْفِعْلِ، أَعْنِي يَسْتَحْضِرُهَا فِي الْحَالِ، بَلْ بَعْضُهَا بِالْفِعْلِ وَالِاسْتِحْضَارِ، وَبَعْضُهَا بِالْقُوَّةِ، بِمَعْنَى أَنَّهُ يُمْكِنُهُ مَعْرِفَتُهَا بِعَرْضِهَا عَلَى أَدِلَّةِ الشَّرْعِ الَّتِي قَدِ اسْتَعَدَّ بِمَعْرِفَتِهَا لِذَلِكَ، وَهُوَ الْقُوَّةُ الْقَرِيبَةُ مِنَ الْفِعْلِ، وَحِينَئِذٍ لَا يَلْزَمُ مِنَ الْعِلْمِ بِهَا الْعِلْمُ بِجَمِيعِهَا بِالْفِعْلِ، فَلَا يَضُرُّ قَوْلُ الْأَئِمَّةَ: لَا نَدْرِي فِي جَوَابِ مَا سُئِلُوا عَنْهُ مِنَ الْأَحْكَامِ، مَعَ تَمَكُّنِهِمْ مِنْ عِلْمِ ذَلِكَ بِالِاجْتِهَادِ قَرِيبًا، أَيْ: عَلَى قُرْبٍ مِنَ الزَّمَانِ. بِخِلَافِ الْمُقَلِّدِ، فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ مَعْرِفَةُ حُكْمٍ لَا يَسْتَحْضِرُهُ قَرِيبًا وَلَا بَعِيدًا، وَهَذَا شَرْحُ قَوْلِهِ:

«وَعَنِ الثَّالِثِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بَعْضُ الْأَحْكَامِ إِلَى آخِرِهِ» ، وَرَجَعَ حَاصِلُهُ إِلَى الْأَحْكَامِ بِأَدِلَّتِهَا أَوْ أَمَارَاتِهَا، أَوْ إِلَى تَخْصِيصِ الْعِلْمِ بِمَا كَانَ بِالْفِعْلِ أَوِ الْقُوَّةِ الْقَرِيبَةِ.

قُلْتُ: فَقَدْ حَصَلَ الْجَوَابُ عَنِ السُّؤَالِ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ.

وَأَمَّا الثَّانِي: وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ: عَنْ أَدِلَّتِهَا «التَّفْصِيلِيَّةِ لَا فَائِدَةَ لَهُ» لِمَا سَبَقَ تَقْرِيرُهُ لَمْ أُجِبْ عَنْهُ فِي الْمُخْتَصَرِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَخْطُرْ لِي عَنْهُ حِينَ الِاخْتِصَارِ جَوَابٌ.

وَالْجَوَابُ عَنْهُ الْآنَ: أَنَّهُ إِنَّمَا ذُكِرَ عَلَى جِهَةِ التَّبْيِينِ لَا عَلَى جِهَةِ التَّقْيِيدِ، أَيْ: لَمْ تُقَيَّدِ الْأَدِلَّةُ بِالتَّفْصِيلِيَّةِ، اعْتِقَادًا بِأَنَّ بَعْضَ الْعُلُومِ تَكُونُ أَدِلَّتُهُ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ غَيْرَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015