والله اللي يظهر أنه يأثم؛ لأنه ما حقق الأمر بالاستماع وإن سمع، ما امتثل الأمر بالاستماع وإن سمع {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ} [(204) سورة الأعراف] لأن بعض الناس قد يستمع ويتكلم، يستمع، وقد يقول قائل: {مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ} [(4) سورة الأحزاب] ما يستطيع أن يستمع ولا ينصت، نقول: الواقع يشهد بأنه قد يستمع ولا ينصت، يتكلم؛ لأن بعض الناس عنده، فيه من قوة الإدراك بحيث يسمع القرآن من أكثر من شخص، ويرد عليهم، والقراء يعرفون هذا، وعلم الدين السخاوي يقرأ عليه عشرة في آن واحد، كل واحد في سورة، ويستمع للجميع ويرد عليهم، يعني في مجال التعليم والرد هذا ما فيه إشكال؛ لأنه يخاطب القارئ كمن يخاطب الخطيب، لكن في حال غيره، يعني أنت تستمع القرآن من المذياع أو من قارئ ثم يرن الجوال وترد عليه، وأنت بالك مع اللي يكلم ومع القران، بعض الناس يستطيع أن يركز أحياناً بين أمرين، لا سيما إذا كان أحدهما لا يحتاج مزيد عناية في التركيز؛ لأن بعض الأمور وبعض المسائل تحتاج إلى أن تركز بحيث لا يشرد ذهنك عنها يميناً وشمالاً، وبعض القضايا إذا سمعت أول الكلام فهمت باقيه، فمثل هذه لا تحتاج إلى تركيز، ممكن تسمع شيء ثاني وتتبينه وتفهمه وأنت مدرك لهذا الكلام الذي يقال، وقد كان الإمام الدارقطني -رحمه الله تعالى- يحضر مجالس التحديث، وينسخ في أثناء التحديث، معه كتب ينسخ، ما ينسخ الكلام الملقى لا، ينسخ كلام ثاني، مثل لو جد معنا أحد في درس الخرقي مثلاً، ومعه البخاري مثلاً، أو أي كتاب آخر، بعض الناس يفهم ما يقال، وينتبه لما يقرأ، فالإمام الدارقطني -رحمه الله- تعالى ينسخ ويسمع الحديث، فلما فرغ الشيخ من عدة أحاديث التفت إليه جاره، وقال: يا أخي أنت ضيقت علينا وأخذت مكان، وأنت لا تستفيد، لو جلست في بيتك ونسخت كان أفضل لك، قال: كم أملى الشيخ من حديث؟ قال الناصح: ما أدري، لا أدري، قال: أملى الشيخ عشرين حديثاً، وسردها بأسانيدها ومتونها، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، الناس يتفاوتون، فلا بد من الاستماع ومن الإنصات، فلا يرد مثل صنيع الدارقطني في استماع القرآن، قد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015