أولى ما يقال في تحديد القلة، القلة جاء في النصوص في أكثر من نص، والسنة يفسر بعضها بعضاً في سدرة المنتهى ((فإذا نبقها كقلال هجر)) فدل على أن قلال هجر هي المشهورة عندهم، ثم يختلفون في هجر، هل المراد بها البلدة التي في شرق الجزيرة العربية من البحرين، أو المراد بها قرية قرب المدينة تصنع بها القلال؟ يختلفون في هذا، والأكثر على أنها هجر، من قلال هجر، كما جاء في الحديث، تحديد القلة وكونه خمس قرب للقلتين، والقلة الواحدة قربتين ونصف، معولهم فيه على قول ابن جريج: "رأيت قلال هجر، فإذا القلة تسع قربتين وشيئاً" قالوا: الأحوط أن يجعل الشيء نصف، وعلى هذا تكون القلتان خمس قرب، ومشوا على هذا، وحددوا القربة بمائة رطل عراقي، حقيقة التعويل على مثل هذا الكلام في مثل هذه العبادة التي هي شرط لأعظم العبادات بعد الشهادتين التعويل على مثل هذا الكلام الرخو فيه ما فيه، يعني عولوا على قول ابن جريج أنه رأى القلة تسع قربتين وشيء، طيب الشيء هذا ويش هو؟ قالوا: الأحوط يصير نصف، وعلى هذا تكون القرب خمس، طيب، قربتين وشيء، القرب تتفاوت تفاوتاً بيناً، القربة الواحدة منها ما يستوعب مائة وخمسين رطل، ومنها ما لا يسع الثمانين، فالقرب لا شك أنها متباينة؛ لأنها جلود، جلود الضأن والماعز، والضأن والماعز متفاوتة الأحجام، وكل واحد من جلودها يقال له: قربة، فالتعويل في مثل هذا الحكم العظيم على مثل هذا التقدير الرخو في كلام ابن جريج مشكل، ولذا يرى شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- ومن يصحح الحديث، دعونا من يضعف الحديث انتهى ما عنده مشكلة، وضعفه جمع من أهل العلم، لكن من يصحح الحديث ويريد أن ينفك من هذه الإشكالات يقول: يعمل بمنطوقه دون مفهومه، وهذا رأي شيخ الإسلام -رحمه الله-، أن الماء الكثير لا يتأثر بالنجاسة حتى يتغير، ومفهومه أن الماء القليل يتأثر بمجرد ملاقاة النجاسة وهذا ملغى، المفهوم ملغى، لماذا ألغي المفهوم؟ والمفهوم معتبر عند الجمهور، ألغاه شيخ الإسلام لأنه معارض بمنطوق حديث أبي سعيد: ((إن الماء طهور لا ينجسه شيء)) الأصل اعتبار المفاهيم، شيخ الإسلام ممن يقول بالعمل بالمفهوم، لكن ألغى المفهوم هنا لأنه معارض