معروف أن الاستبراء يكون بحيضة في النسبيات وغيرها، للدلالة على براءة الرحم، ولو كانت الحامل تحيض لما دل الحيض على براءة الرحم "إلا أن تراه قبل ولادتها بيومين أو ثلاث فيكون دم نفاس" لأنه خرج بسبب الولادة، وإن كان قبلها فكان من مقدماتها مرتبطاً بها "فيكون دم نفاس، وإذا رأت الدم ولها خمسون سنة" عندهم –أعني الحنابلة- أنه لا حيض قبل تسع سنين ولا بعد خمسين سنة، لكن المؤلف له تفصيل فيما بين الخمسين والستين "إذا رأت الدم ولها خمسون سنة فلا تدع الصلاة ولا الصوم، وتقضي الصوم احتياطاً" لأن المسألة مردودة إلى عادة الناس، وجرت العادة في بعض الأماكن أن الحيض ينقطع لخمسين، وعلى هذا غالب النساء، ووجد من تحيض بين الخمسين أو الستين، فوجود مثل هذا العدد وإن كان قليلاً من النساء الحيض بعد الخمسين إلى الستين يؤثر على الحكم القاطع بحيث لا يقال: إنه لا حيض بعد خمسين، لكن يقال: الأصل ألا حيض وقد يوجد من تحيض بعد الخمسين، وأثر هذا على الحكم.
"وإذا رأت الدم ولها خمسون سنة فلا تدع الصلاة ولا الصوم" لماذا؟ لأنه ليس بحيض "وتقضي الصوم احتياطاً" لاحتمال أن يكون حيضاً؛ لأنه وجد من تحيض بعد الخمسين إلى الستين، لكن الغالب غالب النساء لا تحيض، فرتب الحكم على الغالب، ولو جود عدد ولو قليل يحيض بين الخمسين والستين جعل في الحكم مثنوية، يعني ما جزم به جزماً كما جزم به غيره، يعني الحنابلة في كتب المتأخرين منهم لا حيض بعد خمسين، هذا لا تصوم وتصلي ولا تقضي وكأنها حكمها حكم الطاهرة.