طالب: لأن الشارع علق على الحيض أحكاماً ولم يحده، فعلم أنه رد الناس فيه إلى عرفهم، والعرف بين النساء أن المرأة متى رأت دماً يصلح أن يكون حيضاً اعتقدته حيضاً، ولو كان عرفهن اعتبار العادة على الوجه المذكور لنقل، ولم يجز التواطؤ على كتمانه مع دعاء الحاجة إليه، ولذلك لما كان بعض أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- معه في الخميلة، فجاءها الدم فانسلت من الخميلة، فقال لها النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((ما لك؟ أنفست؟ )) قالت: نعم، فأمرها أن تأتزر، ولم يسألها النبي -صلى الله عليه وسلم-: هل وافق العادة أو جاء قبلها؟ ولا هي ذكرت ذلك، ولا سألت عنه، وإنما استدلت على الحيضة بخروج الدم، فأقرها عليه النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكذلك حين حاضت عائشة في عمرتها في حجة الوداع، إنما علمت الحيضة برؤية الدم لا غير، ولم تذكر عادة، ولا ذكرها لها النبي -صلى الله عليه وسلم-، والظاهر أنه لم يأت في العادة؛ لأن عائشة استكرهته، واشتد عليها، وبكت حين رأته، وقالت: وددت أني لم أكن حججت العام، ولو كانت لها عادة تعلم مجيئه فيها وقد جاء فيها ما أنكرته، ولا صعب عليها، ولو كانت العادة معتبرة على الوجه المذكور في المذهب لبينه النبي -صلى الله عليه وسلم- لأمته، ولما وسعه تأخير بيانه، إذ لا يجوز تأخير البيان عن وقته، وأزواجه وغيرهن من النساء يحتجن إلى بيان ذلك في كل وقت، فلم يكن ليغفل بيانه، وما جاء عنه -عليه السلام- ذكر العادة ولا بيانها إلا في حق المستحاضة لا غير، وأما امرأة طاهر ترى الدم في وقت يمكن أن يكون حيضاً ثم ينقطع عنها، فلم يذكر في حقها عادة أصلاً؛ ولأننا لو اعتبرنا التكرار فيما خرج عن العادة أدى إلى خلو نساء عن الحيض بالكلية مع رؤيتهن الدم في زمن الحيض وصلاحية أن يكون حيضاً.
نعم؛ لأنه لا يتكرر ثلاثاً، تراه في هذا الشهر أو تكون عادتها ثلاثة أيام مثلاً، ثم في الشهر الذي يليه تكون خمساً، في الشهر الذي يليه تكون يومين، في الشهر الثالث أو الرابع تزيد أو تنقص، لا يتكرر عليها شيء، وحينئذٍ لا نحكم عليها إلا بالأقل؛ لأنه هو الذي يتكرر، نعم؟
طالب: لا سيما في زماننا كثر الاضطراب يا شيخ.