كل هذه المسائل المشكلة المتشعبة عند الفقهاء والتي أوقعت النساء في حرج عظيم، وأوقعت المستفتي والمفتي كلاهما في حرج من كثير من المسائل التي قرروها في هذا الباب، يعني نظير ما قرروه في أوائل كتب الفقه من نجاسة الماء بمجرد الملاقاة، والفروع المترتبة على هذا مما بيناه سابقاً.
الموفق -رحمه الله- قرر أن المرأة إذا رأت الدم الذي يحتمل أن يكون حيضاً ولو لم يتكرر مجرد ما تراه فإنه حيض تجلس له، ولو لم يتكرر، ولو اضطرب، ما لم يكن أكثر من المدة المعروفة المقررة، ولذا يقول مستدلاً بحديث عائشة لما جاءها الحيض في حجة الوداع، وفزعت من ذلك، يعني لو كان في عادته في وقته المقرر ما فزعت؛ لأنها تعرف أن عادتها في اليوم كذا من الشهر خلاص، وإلا ما بكت، فهو دم في غير وقته، وقال لها النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت)) وأيضاً من حاضت معه في فراشه وانسلت، يعني رأت الدم، وما في ما يدل على أنها في وقت عادتها أو قبله أو بعده، المقصود أن الموفق ربط الحكم بالدم وجوداً وعدماً، فكل ما يحتمل أنه حيض يعني ما يصل إلى حد الاستحاضة فهو حيض؛ لأن أمر النساء بالصلاة والصيام في وقت الحيض مع أنهما يحرمان عليها في غاية الحرج، الحرج الشرعي، ثم بعد ذلك أمرها بقضاء الصوم الواجب مع أنها صامت هذا أيضاً حرج، فإما أن يحكم عليها بأنها طاهرة وعباداتها مجزئة، أو يحكم عليها بأنها حائض فلا تصح منها هذه العبادات؛ لأن الاحتياط في مثل هذا دونه خرط القتاد، يعني تأمر امرأة يحرم عليها الصيام بأن تصوم، ثم بعد ذلك إذا صامت تلزمها بالقضاء؟! مثل هذا ما يرد على كلام الموفق، ولا على كلام شيخ الإسلام، ولا جمع من أهل التحقيق يرون مثل هذا، أن النفاس هو الدم، والحيض هو الدم هو الأذى، فمتى وجد الدم وجد الأذى، ووجد الاعتزال، ووجد ترك الصلاة والصيام.
وجدته يا شيخ؟
طالب: هذا أقوى عندي.
إي نعم إيه، وفي هذه المسألة، نعم، وقال الشافعي.
طالب: وقال الشافعي: جميعه حيض ما لم تتجاوز أكثر الحيض، وهذا أقوى عندي؛ لأن عائشة -رضي الله عنها- كانت تبعث ...
يعني ولو لم يتكرر، جميعه حيض ولو لم يتكرر.