مفهوم كلامه أنه إذا كان غير واجب فإنها لا تقضيه، وهل يقال: إنه لا تقضيه على سبيل الوجوب أو الاستحباب؟ بمعنى أن من اعتاد على صيام معين من كل شهر، ثم جاءها مثل هذا الظرف الذي شرح، وقد اعتادت، ومعلوم أن ترك المعتاد من العبادة أمر مكروه في الشرع، النبي -عليه الصلاة والسلام- إذا عمل عملاً أثبته ((عليكم من العمل ما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا)) ترك العمل الذي يداوم عليه الإنسان لا شك أنه بالنسبة للشرع غير مرغب فيه، بل يدل على نكوص كما يقول أهل العلم، وملل من العبادة، وأحياناً يلزم الإنسان عبادة ثم يتبين له أنها تعوق عما هو أفضل منها، شخص التزم أن يقرأ القرآن في سبع مثلاً، ثم تبين له أنه لو قرأ القرآن في عشر كان أرفق به، وأدعى إلى التدبر والتأمل، وأعانه ذلك على مراجعة بعض كتب أهل العلم مما ينفعه فهل يترك قراءة القرآن في سبع إلى عشر، أو بدلاً من أن يقرأه أربع مرات في الشهر يقرأه مرتين، وهل هذا عدول إلى الأفضل أو إلى المفضول؟ لأن بعض الناس يستمر على جادة، كأن يصوم الاثنين والخميس باستمرار، ويقرأ القرآن في سبع، جارٍ على هذا سنين، ثم يتبين له أنه لو اقتصر على الاثنين أو على ثلاثة أيام من كل شهر وأفطر الخميس باستمرار، ويوم اثنين من كل شهر لكان أرفق به، وأفرغ لباله وأيسر لبعض العبادات، مما لو استمر على طريقته مما هو أفضل من الصيام، وقل مثل هذا لو كان يختم في الشهر أربع مرات وقال: لو ختمت في الشهر مرتين لكان أدعى إلى التدبر، وأكثر انتفاع بما كتبه أهل العلم مما يعين على فهم كلام الله -جل وعلا-، يعني لو اتخذ الورد أو الحزب اليومي سُبع طلعت عليه الشمس وجاءه وقت الدوام ما تمكن من مراجعة بعض الآيات المشكلة، لكن لو كان نصف هذا المقدار أمكنه أن يقرأ هذا النصف باستمرار، ويراجع عليه بعض التفاسير التي تحل له بعض الإشكالات، فهل نقول: إن مثل هذا أفضل أو يستمر على عادته، وإن تيسر له وقت آخر لهذه الأعمال الفاضلة وإلا الله -جل وعلا- لا يمل حتى تملوا؟ لأنها مسألة مشكلة، مسألة داخلة في المفاضلة بين العبادات، وفي المفاضلة بينها غموض؛ لأن بعض الناس قد يقول: أترك الجادة التي سلكتها من سنين لأتمكن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015