يعني النبي -عليه الصلاة والسلام- في مقاولته لعبد الله بن عمرو حينما قال له: ((اقرأ القرآن في كل شهر)) قال: إنه يطيق أكثر من ذلك، يستطيع أكثر من ذلك، فقال: ((اقرأ القرآن في الشهر مرتين)) فقال: إنه يطيق أكثر من ذلك، ثم قال: ((اقرأ القرآن ثلاث مرات كل عشر)) فقال: إنه يطيق أكثر من ذلك، فقال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((اقرأ القرآن في سبع ولا تزد)) ومع ذلك كان عبد الله بن عمرو يزيد؛ لأن الأمر هذا بقوله: ((لا تزد)) ملاحظةً لحاله، فيقول: أنا أستطيع أكثر من ذلك، ولذلك جاء ما يدل على الختم في أقل من سبع، وجاء عن جمع من الصحابة والتابعين أنهم يقرؤون القرآن في ثلاث، بل منهم من يقرأ القرآن في كل ليلة، فهم ما خفي عليهم قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((اقرأ القرآن في سبع ولا تزد)) لأنه أراد التخفيف على من أراد التشديد على نفسه، وهذا علاج لبعض القضايا، كما أن غير هذا المسلك علاج لقومٍ آخرين.
فأنت إذا وجد مثل عبد الله بن عمرو شخص مندفع، لو تقول له: اقرأ القرآن في كل ساعة قرأ ما يترك أبداً، اقرأ القرآن في اليوم مرتين ثلاث يختم في اليوم مرتين ثلاث ما تردد، هذا جاي مندفع، هذا يعالج بالتخفيف، فيقاول على أقل التقدير، اقرأ القرآن في شهر، خير، كفاية أن تقرأ في كل يوم جزء تكسب مائة ألف حسنة طيب هذا، فهذا المندفع، لكن لو جاء شخص ما يفتح القرآن إلا من رمضان إلى رمضان، يعالج بمثل هذا؟! لا، يعالج بأن يقال: عثمان يختم في ركعة، يعني أنت هذا تفريط، وهذا كلام الله الذي يقرأه كأنما يخاطب الرحمن، ثم بعد ذلك إذا قلت له مثل هذا الكلام عسى أن يقرأ القرآن في شهر.
فلا شك أنها حالات، وكلٌ يعالج بما يناسب حاله، إذا وجدت مفرط في الوضوء، وجدته ما يسبغ الوضوء، يقال: يا أخي الرسول -عليه الصلاة والسلام- توضأ ثلاثاً ثلاثاً، وإذا وجدت شخصاً في طريقه إلى الوسواس أو الموسوس تقول له: النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يتوضأ مرةً مرة، وهكذا في جميع أبواب الدين.