فلو قلت مثلاً: جاء محمد وعلي وفاطمة وزيد، هذه الواو لا تقتضي الترتيب في الأصل، لكن كونك قطعت النظير من الذكور عن نظائره منهم، وأدخلت امرأة بين رجلين دل على أنك تريد أنهم جاؤوا مرتبين هكذا، الأول فالأول، وإلا فالأصل يعضد هذا إرادة الترتيب في مثل هذا النسق مخالفة الأمر بتأخير النساء يعني عن الرجال، فهذا الأصل عضد .. ، مخالفة هذا الأصل عضد إرادة الترتيب وهو الحكمة التي من أجلها قطع النظير عن نظيره.
وهنا ممسوح يدخل بين مغسولات؟! يعني هل العضو الذي يحتاج إلى غسل آكد أم العضو الذي يحتاج إلى مسح؟ الذي يحتاج إلى غسل آكد، حتى أنهم قالوا في الرأس وهو ممسوح: إنه يكفي منه ثلاث شعرات عند بعض أهل العلم، فدل على أنه ليس بآكد مما أمر بغسله، لا سيما مع ما جاء من الوعيد الشديد في عدم تعاهد الرجل، والمبالغة في غسلها ((ويلٌ للأعقاب من النار)) فدل على أن غسل الرجل آكد من مسح الرأس؛ لأنه أولاً: المسح أخف من الغسل، الأمر الثاني: أن جمع من أهل العلم يرون أنه مبني على التخفيف، ومع ذلك يجزئ بعضه، وقال بعضهم: يجزئ الشيء اليسير منه، ولولا أن الترتيب مطلوب لأُخر عن الغسل الذي أُكد بقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((ويلٌ للأعقاب من النار)) والنبي -عليه الصلاة والسلام- لما رقي على الصفا قال: ((أبدأ بما بدأ الله به)) وفي رواية النسائي وغيره: ((ابدؤوا -أمر- بما بدأ الله به)) فدل على أن ما يبدأ به في القرآن قولاً يبدأ به فعلاً، وهكذا فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-.
فجميع من وصف وضوء النبي -عليه الصلاة والسلام- ذكره مرتباً، ولو كان الإخلال بهذا الترتيب جائزاً لأخل به ولو مرةً واحدة لبيان الجواز، لكن لم يذكر عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه أخل بهذا الترتيب بين الأعضاء الأربعة.