طيب "ومسح الرأس، وغسل الرجلين إلى الكعبين" الفرض الثالث مسح الرأس {وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ} [(6) سورة المائدة] هذا هو الفرض الثالث "امسحوا برؤوسكم" الباء هذه منهم من يقول: للإلصاق، ومنهم من يقول: للتبعيض، وكل من وصف وضوء النبي -عليه الصلاة والسلام- بالأدلة الصحيحة الصريحة ذكر أنه استوعب جميع الرأس بأن أقبل بيديه لا بيده، أقبل بهما وأدبر، بدأ من مقدم رأسه، فأقبل بهما، يتكلفون يقولون: أقبل بهما إلى قفاه وأدبر عنه، وهذا خلاف المعروف الظاهر من الإقبال والإدبار، فإن الإقبال إلى جهة الوجه، والإدبار الانصراف عنه، وأحسن ما يقال في "أقبل بهما وأدبر، بدأ من مقدم رأسه" أن يقال: إن الواو لا تقتضي الترتيب، وقوله: بدأ من مقدم رأسه، يعني أنه أدبر بهما إلى جهة قفاه، وأدبر بهما إلى جهة وجهه، والواو لا تقتضي ترتيب، وعلى هذا الاستيعاب هو المطلوب في مسح الرأس، منهم من يقول: إن الباء هذه للتبعيض، وتأتي الباء للتبعيض، فيكفي مسح بعض الرأس، ويختلفون في تحديد ما يجزئ مسحه من الرأس، فمن قائل: قدر الربع، ومن قائل: يكفي شعرات ولو ثلاث، إلى غير ذلك من الأقوال، ومنهم من زاد على المطلوب، فمسح مع الرأس العنق، وأوردوا في ذلك أحاديث ضعيفة "حتى بلغ القذال" وأيضاً: ((مسح الرقبة أمان من الغل يوم القيامة)) كلها ضعيفة، المقصود أن الرأس المراد به المعروف في حقيقته اللغوية والعرفية ما يكسوه الشعر مما يعلو البدن.

النبي -عليه الصلاة والسلام- مسح على الناصية، ولم يرفع العمامة، وهذا مما يدل على أنه اكتفى ببعض الرأس، وهذا يستدل به من يقول: إن الباء للتبعيض، وأنه يكفي مسح بعض الرأس، وابن القيم -رحمه الله- في الهدي يقول: لم يثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه اكتفى بمسح الناصية، مسح الناصية، وأكمل المسح على العمامة، والمسح على العمامة ثابت، فلم يكتف بمسح بعض الرأس، وإنما مسح على العمامة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015