"إلى المرفقين" (إلى) هذه كما سمعنا حرف غاية، والمرجح عند كثير من أهل العلم أن الغاية لا تدخل في المغيا مطلقاً، ومنهم من يقول: إن كانت من جنسه دخلت وإلا فلا، إن كانت من جنس المغيا دخلت وإلا فلا، ومنهم من يرى أنها تدخل مطلقاً، لكن المرجح أنها لا يحكم بدخولها ولا بخروجها مطلقاً، وإنما يترك الحكم للقرائن المرجحة، فهنا {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [(6) سورة المائدة] المرجح لدخول المرافق، ما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه كان إذا توضأ أدار الماء على مرفقيه، وهذا فيه ضعف حديث جابر، وأما حديث أبي هريرة حتى أشرع في العضد هذا صحيح، حتى أشرع في العضد، وهذا بيان للواجب المجمل في الآية، وغسل اليدين إلى المرفقين، على هذا البداءة بأطراف الأصابع والنهاية التي هي الغاية إلى المرفقين، منهم من عكس يقول: يبدأ بالمرفق ثم ينتقل منها إلى أن يصل إلى الأصابع، ولكن هذا خلاف ما تدل عليه الآية؛ لأن الغاية هي النهاية، بعضهم يقول: (إلى) هنا بمعنى (مع) وليست حرف غاية بمعنى (مع) {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [(6) سورة المائدة] هل من دليل يدل على ذلك من الكتاب والسنة؟ {وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ} [(2) سورة النساء] يعني مع أموالكم، وليست الغاية إلى أن تصلوا إلى أموالكم، إنما تأكلوا أموالهم يعني اليتامى إلى أموالكم.
على كل حال المرجح أن المرافق داخلة، المرفقين يدخلان في المغسول وجوباً، لما ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه بين المجمل في الآية بفعله، ويدخل المرفقين في الغسل هذا اختيار المؤلف وهو المرجح، وهو المذهب أيضاً، وهو قول أكثر أهل العلم.