وقال ابن أبي زيد في رسالته: باب صفة الوضوء ومسنونه ومفروضه، وذكر الاستنجاء والاستجمار، وليس الاستنجاء مما يجب أن يوصل به الوضوء لا في سنن الوضوء ولا في فرائضه، وهو من باب إيجاب زوال النجاسة به، أو بالاستجمار لئلا يصلي بها في جسده.

في الفواكه الدواني يقول: ولما اعتاد الناس تقديم الاستنجاء على الوضوء وكان ذلك المظنة مظنة اعتقاد وجوب تقديمه على الوضوء قال: وليس فعل الاستنجاء مما يجب أن يوصل به الوضوء، إذ لم يعد لا في سنن الوضوء المحل إيش؟ للإضمار فكان الأولى أن يقول: لا في سننه، ولا في فرائضه، وإنما هو عبادة مستقلة يستحب تقديمها على الوضوء عند مالك -رضي الله تعالى عنه-، فلو توضأ قبل الاستنجاء واستنجى بعد تمام الوضوء صح وضوؤه بشرط ألا يمس ذكره عند الاستنجاء بأن يلف خرقة على يديه حين فعله، ويشترط ألا يخرج منه حدث عند فعله.

على كل حال مثلما سمعتم الخلاف في المسألة كبير وظاهر، لكن التفريق الذي أبداه في حاشية المنتهى عثمان النجدي في غاية الأهمية لأنه ما الذي أبطل الوضوء؟ هو الحدث، هو خروج الخارج، هو الذي أبطل الطهارة فكيف نقول: بصحتها مع بقائه؟ مع بقاء هذا المبطل، ولذا قال: الفرق بينما إذا كانت النجاسة على السبيل خارجة منه، بينما إذا كانت عليه غير خارجة منه أنها في الأول موجبة للطهارة فاشترط زوالها عيناً وأثراً بخلاف الثانية فهي غير موجبة للطهارة فلم يشترط لصحتها زوالها، ولهذا لا يجزئ الاستجمار فيها بخلاف الأولى.

على كل حال ذكرنا في الدرس الماضي أن القول باشتراط زوالها قول الجمهور، لا شك أنه قول جمهور الحنابلة، يعني إن لم يكن قول جمهور أهل العلم، لكنه قول جمهور الحنابلة، واختاروه وصححوه، وانتصروا له.

واحد سأل سؤال يقول: كيف يجاب عن حديث أبي هريرة في تقديم الميامن عند أبي داود وأحمد: ((إذا توضأتم فابدءوا بميامنكم))؟

وعرفنا أن قول جماهير أهل العلم أنه يجوز تقديم اليسرى على اليمنى من اليدين، وكذلك الرجلين، كما أنه يجوز تقديم جانب الوجه الأيسر على جانبه الأيمن، وإن كانت السنة تقديم الميامن.

يقول: ما الصارف للأمر هنا؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015