أنا أصلي المغرب، صلاة المغرب، وقدامي العشر الأخير الثلاثة الأجزاء الأخيرة من القرآن مكتوب العشر الأخير، فالتبس عليه صلاة المغرب وإلا صلاة الأخير وإلا صلاة، شيء ما يخطر على البال من الأسئلة تأتي في هذا الباب، فعلى الإنسان أن يقطع الطريق على قاطع الطريق، فإذا حس بمبادئ هذا عليه أن يقطع الطريق، ويكتفي بالوضوء مرة مرة، ويعقد العزم على عدم الالتفات إلى هذه الوساوس؛ لأنها في البداية تكون أوهام، ثم يسترسل فتكون عزائم، إلى أن تنقلب إلى أمراض حسية بعد أن كانت معنوية يمكن أن تعالج، لكن إذا انقلبت إلى أمراض حسية يحتاج إلى النفسيين، ويأخذ علاجات يمكن تؤثر عليه، فعليه أن يقطع الطريق من أوله.
النية شرط لصحة الوضوء كما أنها شرط لصحة التيمم ولسائر العبادات، عند الحنفية النية ليست بشرط لصحة الوضوء، وهي شرط لصحة التيمم، لماذا قالوا: بأنها شرط لصحة التيمم وليست بشرط لصحة الوضوء؟ بدل، طهارة ضعيفة تحتاج إلى قصد، والوضوء طهارة أصلية محسوسة فيكتفى بتوافر ما أمر الله به -جل وعلا-، فإذا توافرت الأركان الأربعة يكفي عنده، وأما التيمم طهارة ضعيفة تحتاج إلى أن تقوى بمثل هذا، وهذا تفريق بين متماثلين، ولذلك قولهم ضعيف غير مطرد، أبو ثور يطرد المسألة ويقول: لا يحتاج إلى نية لا الوضوء ولا التيمم أيضاً، ومقتضى حديث المجمع على صحته المتلقى بالقبول ((إنما الأعمال بالنيات)) أن النية شرط لكل عبادة، ومنها الوضوء والتيمم.
"والنية للطهارة، وغسل الوجه" يعني عطف الركن –الفرض- على الشرط "وغسل الوجه" وهذا هو الفرض الأول {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ} [(6) سورة المائدة] في آية المائدة، {وُجُوهَكُمْ} [(6) سورة المائدة] هذا الأول، ومعنى {إِذَا قُمْتُمْ} [(6) سورة المائدة] يعني إذا أردتم القيام، كما في قول الله -جل وعلا- {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ} [(98) سورة النحل] والأصل في الفعل الماضي أنه للفراغ، وهذا مقتضى كونه ماضياً، يعني فرغ منه، يطلق ويراد به الإرادة، كما هنا يطلق ويراد به الشروع، كما في أمثلة تأتي -إن شاء الله تعالى-.