قال الحنفية: هذا دليل على أن وقت الظهر يمتد إلى مصير ظل الشيء مثليه، ولولا أنه يمتد ما صار أطول من وقت العصر، هل يستقيم مثل هذا الاستدلال مع التنصيص الصريح في حديث عبد الله بن عمرو وغيره إلى أن وقت الظهر إلى مصير ظل كل شيء مثله؟ يمكن أن نستدل بهذا الحديث في مقابل النص الخاص؟ لا يمكن، فإذا لم يعارض يمكن أن يستدل به، لكن إذا عورض تلغى الدلالة الفرعية، والذي قادنا إلى هذا الاستدلال على مسافة القصر بنهي المرأة عن السفر مسيرة يوم وليلة أو يومين أو ثلاثة، والحديث ما سيق لهذا، ولذا قال: وأما حديث ابن عمر الدال على اعتبار الثلاث فإما أن يجمع بينه وبين اختياره بأن المسافة واحدة، ولكن السير يختلف، أو أن الحديث المرفوع ما سيق لأجل بيان مسافة القصر، بل لنهي المرأة عن الخروج وحدها، ولذلك اختلفت الألفاظ في ذلك، ويؤيد ذلك أن الحكم في نهي المرأة عن السفر وحدها متعلق بالزمان.
هذا الحكم أيضاً ينتابه ولو قصر الزمان مسألة الخلوة، يعني إذا وجدت الخلوة حرمت ولو كان الزمان قصيراً، لكن إذا انتفت الخلوة تسافر أقل من هذه المسافة مع انتفاء الخلوة، ولذا يفتى بأن المرأة لها أن تركب مع جمع من النساء أو غيرها فيما لا يطلق عليه السفر، لكن لا تركب وحدها مع السائق، ولو لم يترتب على ذلك سفر؛ لأن بعضهم يقول: إن المسألة تتم في أقل من هذه المدد المذكورة، تتم في ساعة وهذه ليست سفر بالاتفاق، فالمرأة في ركوبها أو مع غير ذي محرم ينتابها الأمران، إذا انتفت الخلوة منع السفر، وإذا وجدت الخلوة فالمنع البات طال الوقت أو قصر؛ لأن بعض الناس قد يستغرب، يعني تسافر ثلاثة أيام يكفي ساعة ما يحتاج ثلاثة أيام، تتم بها المراودة والفعل وينتهي كل شيء، فكيف يعني يسمح ثلاثة أيام مفهومه أنه أقل من ثلاثة أيام أو حتى أقل من يوم وليلة، هذا إذا كان سفر بروز خروج عن البلد، أما إذا لم يكن سفر فلا بد من انتفاء المحظور الثاني وهو الخلوة.