"فإن عاد بعد النهي لم تجزئه صلاته، ونص أحمد -رحمه الله تعالى- على هذا في رواية أبي طالب" يعني التفريق بين من بلغه الخبر، وبين من لم يبلغه الخبر، هل هذا مطرد؟ يعني نفترض أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أبطل صلاة شخص فقبل الصلوات التي صلاها قبل إبطالها، يعني المسيء مثلاً هل يقال له: تعيد كل الصلوات التي صليتها على هذه الكيفية ما جاء ذلك، ولا قيل له، أما بعد أن أمره النبي -عليه الصلاة والسلام- بالإعادة، وشرح له الصلاة الصحيحة المجزئة لا يجوز له أن يعود إلى ما كان عليه قبل ذلك، وغيره، الآن النص صحيح وثابت، يعني .. ، أو فرق بين من يكون الخبر بسببه وبين من يكنون الخبر بسبب غيره لكن قبله، يعني الحكم مستقر، الحكم في هذا الحديث مستقر للجاهل في هذه الأوقات قبل وجوده بقرون، أربعة عشر قرن، استقر الحكم، لكن هل يلزم العمل بالحكم قبل بلوغه أو بعده؟ يعني الناسخ مثلاً أنت عندك نص منسوخ، لكن ما تدري أنه منسوخ، فصرت مستمراً على العمل بالمنسوخ، ثم بلغك الناسخ.
أهل العلم يقولون: العمل بالناسخ من بلوغه، لكن هنا في مثل هذا تقرير شرع، ثبت قبل وجودك بقرون، استقر التشريع على هذا، يعني فرق بين أبي بكرة ومن يحصل له هذا العمل في هذا الوقت، لماذا؟ لأن أبا بكرة تقرير حكم جديد، تشريع جديد، ما يدري كيف يفعل؟ ولو سأل ما أجيب، ولو أراد أن يصل إلى الحقيقة ما استطاع قبل ورود النص، لكن من أراد أن يصل إلى الحقيقة في مثل وقتنا هذا يستطيع أن يصل، ولو كان جاهلاً يسأل، إذا ما سأل وصلى مثل ما صلى أبو بكرة على كلام المؤلف أجزأته صلاته، فإن عرف الحكم فيما بعد، وبلغه الخبر، وعرف هذه القصة فأصر على عمله، وركع دون الصف يقال له حينئذٍ: أعد، ولا تَعُد.
قوله: ((ولا تعد)) هل يقتضي هذا النهي بطلان الصلاة؛ لأن النهي هذا إما لخلل مؤثر في الصلاة، أو لخلل غير مؤثر في صحتها؛ لأن أبا بكرة جاء مسرعاً فأخذه النفس والبهر، وسمع نفسه من ممن هو أمامه، سمعه النبي -عليه الصلاة والسلام- فهل قوله: ((لا تعد)) لأن ما فعلت مؤثر في صلاتك تأثير لا يخل بها، أو ما فعلته مؤثر تأثير مخل مبطل؟