مقتضى الحديث الأقرأ، وهذا قول الحنابلة، غيرهم يقولون: لا، يقدم الأفقه، والتعليل ظاهر، أن القدر المطلوب للصلاة من القراءة يمكن ضبطه، محصور، يعني لو حفظ المفصل مثلاً أو نصف المفصل، أو ربع المفصل، وحفظ جزء من القرآن يكفيه لصلاته، يكفي وإلا ما يكفي؟ يكفيه لصلاته، لكن لو حفظ القرآن كله وجهل أحكام الصلاة قد يعرض له في صلاته ما يبطلها، ويبطل صلاة من وراءه وهو لا يشعر، فقالوا: يقدم الأفقه؛ لأن القدر المطلوب من القراءة في الصلاة مضبوط، يمكن ضبطه، والفقه لا يمكن ضبطه، فالذي ليس بأفقه لا يمكن أن يضبط أحكام الصلاة، وهو لا يعرف فقهها، فقد يعرض له في صلاته ما يبطلها وهو لا يشعر، ولذا قالوا: إن الأفقه أولى بالإمامة من الأقرأ، ولا شك أن في هذا حرج كبير، لماذا؟ لأن فيه مخالفة لنص الحديث ((يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله)) قالوا: الحديث جاء بناءً على الغالب، ((يؤم القوم أقرؤهم)) الغالب أن الأقرأ هو الأفقه، لا سيما في الصدر الأول من الصحابة -رضوان الله عليهم-، يعني في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام-، وعصر الصحابة لا شك أن الأقرأ في الغالب لا يقال: هذا كلي، لا، في الغالب أن الأقرأ هو الأفقه؛ لأن الذي يهتم بالقرآن يهتم بغيره من أمور الدين، لا سيما وأن القرآن قد جاء بالتدريج، فمن يهتم بالقرآن، ويحفظ كل ما نزل في وقته فلا شك أنه في الغالب أنه مهتم بغيره من الأحكام والأحاديث، جاء لبيان الواقع في الظرف الذي قيل فيه الخبر، وأن الأقرأ هو الأفقه، لكن جاء في الحديث: ((أقرؤكم أبي، وأعلمكم بالحلال والحرام معاذ)) ... إلى آخر الحديث، المقصود أنه يوجد الفقيه، ويوجد القارئ، ومع ذلك قيل هذا الحديث، يستدلون بأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قدم أبا بكر في الإمامة على غيره مع قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((أقرؤكم أبي)) لكن من مقتضى الحديث أبو بكر -رضي الله عنه- ليس بأقرأ ولا أفقه، فالحديث لا يساعدهم ولا يساعد غيرهم، يعني لا يتم به الاستدلال، وإنما الحكمة في تقديم أبي بكر على الأقرأ وعلى الأفقه تحصيل مصلحة عظمى وهي الإشارة إلى استحقاقه الإمامة العظمى، وتقديمه فيها على غيره، وهذه مصلحة مقدمة على المصلحة الخاصة في