مذهب أبي حنيفة النعمان بن ثابت، هذا الفقيه قال فيه الشافعي: الفقهاء عيال على أبي حنيفة، يعني: ما من فقيه إلا ولا بد أن يشرب وينهل من بحر علم أبي حنيفة في الفقه، والشافعي قرأ كتبه وناظر أصحابه؛ لأنه لم يعاصره، فقد ولد في السنة التي توفي فيها أبو حنيفة سنة 150هـ، وهذا فضل الله سبحانه وتعالى؛ فإنه لا يقبض عالماً إلا وفي العام نفسه يقدر أن يولد من يكون عالماً مثل شيخ الإسلام ابن تيمية، فقد ولد بعد موت العز بن عبد السلام بسنة.
وقد أضعف مذهب أبي حنيفة أنه كان يأخذ كثيراً بالقياس وبالرأي، ولذلك سميت مدرسته بمدرسة الرأي، والذي جر أبا حنيفة إلى ذلك كثرة الرفض والتشيع في بلاده العراق وبلاد فارس، فكثرت النوازل والمسائل، وقد كان يتحرى الأحاديث لأن الكذبة على رسول الله كثيرون في بلده، فهذا الذي جره لأن ينتقل من علم الأثر إلى علم النظر، فتوسع في المدارك وقياس النظير بالنظير، فأصاب في كثير من المسائل لكنه أخطأ في أكثر المسائل، ولذلك ضعف مذهبه؛ لأنه أخذ بالرأي أكثر من الحديث.