إذا كان الإدخال أو الجماع موجباً للغسل, فلنا فيها مسائل: منها: إذا جامع الرجل امرأته في دبرها فعليه أمران: الأمر الأول: لابد أن يتوب إلى الله توبة نصوحاً؛ لأنه أتى محرماً، وإن كانت الأحاديث التي وردت في تحريم إتيان المرأة في الدبر فيها ما فيها من الكلام عند المحدثين, لكن القياس قوله: إن الله جل في علاه حرم على الرجل أن يأتي المرأة حال حيضها؛ لقوله جل في علاه: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة:222]، فمنع أن يأتي الرجل امرأته وهي في حيضها للأذى، فإتيان المرأة في دبرها يحرم من باب أولى بجامع الأذى.
فإذاً: إذا أتى الرجل المرأة في دبرها وجب عليه التوبة أولاً, ثم بعد ذلك وجب عليه الاغتسال, وأنت حين تنظر إلى الفقهاء وهم يفرعون هذه الفروع على هذا التأصيل تعرف أن الفقهاء من أرحم الناس بالأمة, فعلماؤنا هم أرحم الناس بالناس.
ففي الحديث قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من أتى امرأته في دبرها فقد كفر بما أنزل على محمد) فالعلماء يقولون: ليس بكافر كفراً أكبر, وهذه من رحمة الفقهاء بالأمة, بل يرون أن الذي يأتي الكبيرة لا نمنعه من العبادة, بل نقول له: ارجع وتب إلى ربك جل في علاه, فلابد أن تتوب وأن تئوب إلى ربك جل في علاه, وعليك أن تحافظ على عبادتك التي فرضها الله عليك, وسنيسر عليك الباب فنجعلك تعبد ربك وأنت عاصٍ؛ لأنك ما زلت على خط الإسلام, وما زلت عبداً لله جل في علاه, فعليك أن تغتسل لتصح صلاتك بعد ذلك, حتى ترجح كفة الحسنات على كفة السيئات, ومن تمام رحمة الله على الأمة أن نصب لها هؤلاء العلماء الذين ييسرون عليهم أمر العبادات التي يتقربون بها إلى الله جل في علاه.
فالغرض المقصود: أنه لو أتى رجل امرأته في دبرها وجب عليه الغسل, ووجه النظر في ذلك: أن الدبر يسمى بمسمى القبل, فالدبر يطلق عليه الفرج, كما أن القبل يطلق عليه الفرج, وهذا مثلها.
فإذاً: الصحيح الراجح في ذلك: أنه لو أولج في دبر امرأته فعليها الغسل وعليه الغسل.