وزوال العقل له أحوال: فزوال العقل بالنوم يبطل الوضوء، كما قال الغزالي: النوم يبطل العقل، وزوال العقل بالجنون كذلك يبطل الوضوء، وزوال عقل بسكر وهذا يخفيه، والفرق بين زوال العقل بالنوم، وزوال العقل بالسكر هو أن النائم ينتبه إذا نبهته، وأما السكران إذا نبهته فلا ينتبه، وزوال العقل بالجنون ناقض من نواقض الوضوء بالإجماع، لكن الشافعي يوجب عليه الغسل أيضاً، فقد اختطب الإمام الشافعي وقال: قل من جن ولم يثبت، والنظر في ذلك إلى طبيب أو مختص أو إلى الغالب، فإن صح أن المجنون يخرج منه مني حكمنا عليه بوجوب الاغتسال بعد الإفاقة، وإن كان خلافه فليس عليه إلا الوضوء.
الحالة الثانية: زوال العقل بالإغماء وهذا ناقض بالإجماع، كأن يغمى على رجل خمس دقائق أو ساعة أو ساعتين ثم يفيق، فنقول: انتقض وضوءك بهذا الإغماء.
والمستند في الإجماع هنا: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان في مرض موته -بأبي هو وأمي- تأخذه الإغماءة فإذا أفاق أمر بماء فتوضأ، أو قل: فاغتسل حتى يقوم فيصلي.
الثالث: زوال العقل بالسكر له أحوال، الحالة الأولى: أن يكون عقله حاضراً في بداية السكر، أي: أنك إذا نبهته تنبه، فهذا لا ينتقض وضوءه؛ لعدم وجود مظنة الحدث.
أما من تعمق في السكر بحيث أنه لا ينتبه إذا نبه -وهذه حالة نهائية كما يقولون- فهذا ينتقض وضوءه بالسكر فعليه الوضوء.
ووجهة نظر الفقهاء في انتقاض الوضوء بالسكر هي: أن زوال العقل مظنة الحدث، فهو لا ينتبه إذا خرج منه ريح، ولذلك أنزلوا مظنة الحدث منزلة الحدث وقالوا: بأن زوال العقل ناقض من النواقض.