للنية ثلاثة أوقات: الوقت الأول: وقت الإجزاء.
الوقت الثاني: وقت الاستحباب.
الوقت الثالث: متنازع فيه، تتجاذبه أقوال العلماء.
أما وقت الإجزاء -وهو الأهم- فلا تجزئ النية إلا عندما تغسل أول ركن من أركان الوضوء، وقد جعلوا في المذهب أول ركن من أركان الوضوء: الوجه، لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة:6]، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم للأعرابي: (إذا قمت إلى الصلاة فتوضأ كما أمرك الله).
وفي رواية أخرى بسند صحيح قال: (توضأ كما أمرك الله، فاغسل وجهك) فأول الأركان: الوجه.
إذاً: وقت النية الذي يجزئ والذي يصح به الوضوء هي: عندما يأخذ غرفة ماء ويغسل بها وجهه، فلو غسل يديه ولم ينو، ثم تمضمض واستنشق فلم ينو، لكن لما أخذ غرفة الماء وغسل وجهه نوى الوضوء لرفع الحدث، أو نوى استباحة الصلاة، فنقول: هذا الوقت وقت إجزاء، أجزأتك النية عندما قارنت الركن الأول من أركان الوضوء.
إذاً: أول الوقت الذي يكون فيه الإجزاء: عند غسل أول ركن من أركان الوضوء وهو الوجه.
الوقت الثاني: الاستحباب، وذلك عند غسل اليدين، فإذا جاء ليغسل يديه ثلاثاً ونوى رفع الحدث، أو نوى استباحة الصلاة فنقول: هذا وقت يستحب أن ينوي فيه.
الوقت الثالث: وقت متنازع فيه، وهو: أن ينوي عند المضمضة والاستنشاق، ثم لم ينوِ عند غسل الوجه، أو نقول: عدمت النية عند غسل الوجه، فهل يصح الوضوء أم أنه لا يصح؟ هذا متنازع فيه في المذهب.
ومعلوم أن المضمضة والاستنشاق في المذهب سنة، فبعضهم قال: إن الأنف والفم من الوجه، فهو عند غسل بعض الوجه نوى فيصح وضوءه على ذلك، أو يجزئه؛ لأنه نوى عند الركن.
والقول الثاني: أنه لا يجزئه؛ لأنه لم ينو عند الركن، والصحيح: أنه لا يجزئه، بل لابد أن ينوي عند غسل أول ركن من الأركان، أو نقول: هذا إذا عزفت النية، أما إذا استمر في النية كالمستحب الأول فإنه يصح ذلك.
نقول: رجل غسل يديه ولم ينو، فجاء عند المضمضة والاستنشاق ونوى، وقبل أن يغسل الوجه ذهل عن النية وغسل الوجه واليدين ومسح الرأس وغسل الرجلين، فهو لم ينو الوضوء عند أول ركن، فقد تنازع العلماء في ذلك، فمنهم من قال: إنه نوى عند غسل بعض الركن، وهو الأنف إذاً: يجزئه.
والآخرون قالوا: لا يجزئه؛ لأنه لم ينو عند الركن، وهذا الأحوط والأرجح.