لكن فيه نسخة: [إِذْ ذَا عُدِمَا]، هذه أولى، [إِذْ] يعني: وقت، ذا المشار إليه، (عدما) حينئذٍ لا إشكال، وهي أولى من المذكور، (أَنْ ذَا) أي: مطابقة حكمه للواقع، (ذَا) اسم إشارة والمرجع لاسم الإشارة هنا مطابقة الحكم للواقع، (أَنْ ذَا [يُعْدَمَا] (?)) إذًا عدما ماذا؟ مطابقة حكم الخبر للواقع، فإن طابق فهو الصدق، فإن لم يطابق فهو الكذب، (يُعْدَمَا) فكون الخبر كاذبًا عدم مطابقته حكمه للواقع، إذًا على هذه النسخة: (أَنْ ذَا يُعْدَمَا) تقول: الألف للإطلاق و (يُعْدَمَا) منصوبٌ بـ (أَنْ)، ويكون فرق بينهما على وجه الشذوذ والأولى أن يقال [إذ ذا عدما] يعني: والصدق يعني: صدق الخبر وقت ذا عدما، يعني وقت ذا عدما، والألف تكون للإطلاق.

فحدُّ الصدق مطابقة حكم الخبر للواقع، والكذب عدم مطابقته له، هذا هو المشهور وعليه التأويل، ولو كان الاعتقاد بخلاف ذلك، يعني: لا عبرة هنا بالاعتقاد كونه موافقًا أو لا، فلو قال زيدٌ قائمٌ ووافق الواقع واعتقد في نفسه أنه كذب عليه، نقول: هذا صدق. هذا صدقٌ لماذا؟ لأن العبرة هنا بالقول وحكم القول والواقع، وأما الاعتقاد سواءٌ وافق أم خالف حينئذٍ نقول: هذا لا عبرة به.

إذًا ولو كان الاعتقاد بخلاف ذلك من حالين، فإذا قلت زيدٌ كاتبٌ فإن كان زيدٌ موصوفٌ بالكتابة في الخارج فذلك الخبر يكون صادقًا، وإن لم يكن موصوفًا بها فذاك الخبر يكون كاذبًا، زيدٌ كاتب إن كان زيدٌ موصوفٌ بالكتابة في الخارج الفعل وهو صادق، وإن لم يكن فهو كاذب.

صادقٌ لماذا؟ لكون حكم القول طابق الواقع.

وكاذب لماذا؟ لكون حكم القول وهو ثبوت الكتابة لم يطابق الواقع بل خالفه لأنه غير موصوف بالكتابة، وكذلك في السلب فإذا قلت زيد ليس بكاتبٍ هنا نفيت وصف الكتابة عنه فإن طابق الواقع بكون زيدًا ليس موصوفًا بالكتابة فهو صدقٌ، فإن خالف بل هو موصوفٌ بالكتابة فهو كذبٌ، وهذا معنى مطابقة الكلام للواقع والخارج وما في نفس الأمر، فالخبر ينحصر في الصادق والكاذب ولا واسطة بينهما على الصحيح، لا فيه خلاف، فقد أجمعوا على أن من قال: محمدٌ ليس بنبيٍّ، صدقٌ أم كذب هذا؟ أم فيه تفصيل؟

محمدٌ نبيٌ طابق؟

طيب، لو قاله منكر نبوة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: محمدٌ نبي. أراد أن يجامل قال: محمدٌ نبي، صدقٌ أم كذب؟

صدقٌ، لا عبرة بالاعتقاد، قلنا: من قال محمدٌ نبي واعتقد أنه ليس بنبي نقول: خبره صدق لماذا؟ لأن العبرة بكونه صدقًا مطابقة الواقع عنه، هذا ميزان، أما اعتقاده فهذا لنفسه، ليس له مدخلٌ في الحكم بالصدق والكذب، فإذا قال منكر رسالة النبي - صلى الله عليه وسلم -: محمد بن عبد الله وجامل قال: - صلى الله عليه وسلم - نبيٌ، نقول: هذا طابق الواقع لأن الذي في الواقع #1.00.29 ... لسان النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرٌ معلوم من الدين بالضرورة، طيب لو قال: محمدٌ ليس بنبي، وهو يعتقد نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم -.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015