قدَّمَ اللفظي على المعنوي لطول الكلام على المعنوي لأنه لم يذكر في اللفظي إلا خمسة فقط، اثنين في الشطر الأول التجنيس والرد، والسجع والقلب والتشريع هذه خمسة أنواع من اللفظيّ، ثم ذكر المعنويّ .. إلى آخر الأبيات، فطُول الكلام في المعنوي لذلك أَخَّرَهُ وعنده قاعدة أن الذي يقل الكلام فيه يُقَدَّمُ على ما يطول الكلام فيه، ولا يلزم أن يكون أهم منه لأن المعنوي أهم، فلما أَخَّرَهُ؟ نقول: أَخَّرَهُ لطول الكلام فيه. قال: (كَتَجْنيسٍ)، (لَفْظيٌّ كَتَجْنيسٍ)، (كَتَجْنيسٍ) إيش إعرابه؟ وذلك (كَتَجْنيسٍ) يعني يكون خبر مبتدأ محذوف، (لَفْظيٌّ، (ضَرْبَانِ) وهو (لَفْظيٌّ)، أولهما (لَفْظيٌّ كَتَجْنيسٍ)، وذلك أي اللفظي (كَتَجْنيسٍ) إذًا خبرٌ لمبتدأ محذوف، وما بعده يكون معطوفًا على تجنيسٍ بالخفض، (كَتَجْنيسٍ) بين اللفظين ويسمى جناسًا ومجانسةً، يعني التجنيس يسمى جناسًا ومجانسةً (كَتَجْنيسٍ) وهو تشابه اللفظين في التلفظ، يعني في النطق، بأن يكونا في اللفظ لفظًا واحدًا هذا نوعٌ وهو التام، وقد يكون ثم نقصٌ وتغايرٌ كما سيأتي وهذا ما يسمى بالناقص، ثم الجناس. إذًا عرفنا الجناس أنه تشابه اللفظين في التلفظ، ثم الجناس نوعان تامٌ وغير تام. يقابل التام الناقص، فالتام المراد به أن يتفقا في أنواع الحروف وأعدادها وهيئاتها وترتيبها هذه كلها أربعة أشياء، لا بد أن يتفق اللفظان في هذه الأمور الأربعة، ثم إن كان من نوعٍ واحدٍ كاسمين سُمِّيَ متماثلاً، مثاله قوله تعالى: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ} [الروم: 55] الساعة غير ساعة، إذًا ساعة وساعة اتفقا في اللفظ [تشابه اللفظين] تشابه اللفظان في الحروف وعددها وترتيبها ونوعها، نقول: هذا الساعة الأولى المراد بها القيامة، {غَيْرَ سَاعَةٍ} المراد بها الجزء من الزمن، فاتحدا في اللفظ واختلفا في المعنى، ولا يمكن أن يكون متحدين في المعنى لصار مشتركًا، فحينئذٍ نقول: إن كان من نوعٍ واحدٍ كاسمين سميت متماثلة، وإن كان من نوعين سُمِّيَ مُسْتَوْفَى، ومنه قوله:
ما مات من كرم الزمان فإنه ... يحيا لدى يحيى بن عبد الله
يحيى لدى يحيى، يحيى الأولى فعلٌ، ويحيى الثانية اسمٌ، إذًا اتفقا في اللفظ واختلفا في النوع، الأول فعل والثاني اسمٌ يُسمى ماذا؟ جِنَاسًا تامًا مُسْتَوْفَى، والساعة وساعة يسمى جناسًا تاماً متماثلاً.
ومن الجناس التام المركب وهو ما كان أحد لفظيه مركبًا، يعني المضاف والمضاف إليه والكلمة الثانية تكون مفردة، فإن اتفقا في الخط سُمِّيَ متشابهًا كقوله: إذا مَلَكَ لم يكن ذَا هبة فدَعْهُ فدولته ذاهبة [ها ها]، إذا ملك لم يكن ذا هبةٍ يعني صاحب هبة، ذا هبةِ، فدعه فدولته ذاهبة، لاحظتم؟ ذا هبةٍ في اللفظ والخط، واللفظ لا شك أنهما مختلفان، وأما من حيث الكتابة ذا هبة، ذاهبة متفقان هذا يسمى مركبًا لأن أحد اللفظين مضاف ومضاف إليه وهو قوله: ذا هبة، ذا هبةٍ يعني عطاء، وإن لم يتفقا في الخط سُمِّيَ مفروقًا كقوله:
كلكم قد أخذ الجام ولا جام لنا ... ما الذي ضر مدير الجامِ لو جاملنا