(وَإِنْ تَكُنْ ضِدًّا تَهَكُّمِيَّهْ)، (وَإِنْ تَكُنْ) الاستعارة هذا النوع الثالث الذي ذكره الناظم، (وَإِنْ تَكُنْ) الاستعارة (ضِدًّا) أي مستعملةً في ضدِّ معناها الحقيقي أو في نقيضه، يعني إذا كانت الاستعارة قد تكون وجه الشبه أو الضِّدّية، قد يكون استعمالاً لضده فحينئذٍ تسمى الاستعارة تهكمية، إذا كان وجه المناسبة بين المعنيين الضد أو النقيض، فهي تهكمية أي فهي التهكمية والتمليحية يعني تنزيل التضاد أو التناقض منزلة التناسب، مثل ماذا؟ التهكمية كالمثال السابق {فَبَشِّرْهُم} [آل عمران: 21] ينتظر ماذا؟ بجنةٍ أو ثوابٍ، هذا من باب التهكم، أي أنذرهم استعيرت البشارة التي هي إخباره بما يظهر سرورًا في المخبر به للإنذار الذي هو ضده، إذًا التبشير والإنذار ضدان بإدخاله في جنسها على سبيل التهكم والاستهزاء والتمليحية كقولك: رأيت أسدًا. وتعني به جبان، لو رأيت جبانًا وقلت: رأيت أسدًا يرمي أو كذا. حينئذٍ نقول: هذا من باب السخرية والاستخفاف يستخف به وأنت تريد جبانًا على سبيل التمليح والظراف. هذا ما يسمى بالتهكمية. مرّ معنا الاستعارة في التشبيه هناك قلنا: لا على وجه الاستعارة التحقيقية، ولا على وجهة الاستعارة بالكناية، ولا على وجهة التجريد، التجريد سيأتي بحثه في البديع، ونذكر استعارة التحقيقية والكناية.

الاستعارة التحقيقية هي ما تحقق معناها حسًّا أو عقلاً، فهي داخلةٌ في الأمثلة السابقة، معناها يعني مدلولها إما أن يكون مدرك في الخارج بالحسِّ رأيت أسدًا يرمي، أو تكون مدركة في الخارج بالعقل: رأيت نورًا إذا عبرت عن العلم أو عن شيء. ما تحقق معناه حسًّا أو عقلاً فالأول: كقولك رأيت أسدًا يرمي، فإن أسدًا هنا تحقيقية لأن معناه الرجل الشجاع هذا أمرٌ محققٌ حسيّ، والثاني: كأن تقول مثلاً: رأيت نورًا، أو أظهرت نورًا، وقصدت بالنور هنا الحجة، فإن الحجة شيءٌ عقليّ لا حسيّ فإنها تدرك بالعقل، وهذه مبناها على التشبيه، وليست بتشبيهٍ اصطلاحي البتة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015