الكناية وهي المقصد الثالث: استعمال اللفظ في غير ما وُضِعَ له لكن يجوز أن يراد المعنى الأول، يعني يُجمع بين معنيين، ولذلك من الفوارق بينهما - كما سيأتي - أنه لا قرينة تدل على أن اللفظ مستعمل في غير ما وُضِع له في الكناية، حينئذٍ خرجت الكناية لأنه لا يُشترط فيها نصب قرينة لأن الذي ينصب القرينة ينصبه لأي شيء؟ كأنه يقول لك: يَرْمِي. أنا لا أريد بالأسد الحيوان المفترس، وإنما أردت به الرجل الشجاع، أما في الكناية فلا، فيريد به اللازم والملزوم معًا، المعنى المنقول عنه والمعنى المنقول إليه، حينئذٍ لا نحتاج إلى قرينة، فبقولنا: مع قرينة [على] تدل على عدم إرادة المعنى الأول خرجت الكناية، لأن الكناية يراد بها المعنيان المعنى الأصلي والمعنى الفرعي، المعنى المنقول عنه والمعنى المنقول إليه، فهذا المجاز المفرد، ويقابله المركب، ولما كانت حقيقة كل منهما تخالف الأخرى حينئذٍ لا يمكن أن يجتمعا في حدٍّ واحدٍ. قدم المفرد هنا لبساطته على المركب. إذًا يشترط في المجاز المفرد العلاقة التي تكون بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي، وهي أي العلاقة ما يتمكن بها أو يتمكن بها من التجاوز عن المكان الأصلي إلى غيره من المناسبة الواقعة بين المنقول عنه والمنقول إليه - على ما ذكرناه - وإنما اشترطت لماذا؟ ليتحقق الاستعمال على وجه يصح، ولذلك قلنا فيما سبق في تعريف المجاز خرج الغلط، من تعريف المجاز قولك: خُذْ هَذَا الْقَوْسَ. مشيرًا إلى الكتاب لأن هذا الاستعمال ليس على وجه يصح لعدم العلاقة بين القوس والكتاب، والمعتبر هنا في العلاقة النوع لا الشخص، يعني يرد السؤال هنا هل المجاز موضوع في لغة العرب أم لا؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015