إذًا على وجه يصح المراد به أن يوافق المجازات المنقولة عن العرب بالنوع، وذلك عند علاقة حاصلة بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي، يعني العرب لم تستعمل المجاز في لفظ عن لفظ إلا لعلاقة بينهما، فإن لم يكن علاقة حينئذٍ لا مجاز، إذا لم يكن علاقة حينئذٍ لا، ولذلك قلنا: الغلط خرج لماذا؟ إذا قلت: خُذْ هَذَا الْقَوْسَ. مشيرًا إلى كتاب، لا علاقة بين الكتاب والقوس أو الفرس حينئذٍ نقول: لعدم العلاقة بين معنيي اللفظين الحقيقي والمجازي انتفى المجاز، ولذلك لا بد من العلاقة. وذلك عند علاقة بين المعنى الحقيقي والمجازي تكون ملاحظةً ومعتبرةً عند استعمال اللفظ في غير ما وُضع له، ويكون هذا المعنى المستعمل قد نُفِيَ بنصب قرينة تدل على عدم إرادة المعنى الموضوع له هذا اللفظ، فخرجت الكناية لأنها مستعملة في غير ما وضعت له مع جواز إرادته حيث لا قرينة تصرف عن ذلك. إذًا لا بد من اعتبار المجاز مجازًا أولاً العلاقة، يعني المناسبة بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي، مناسبة بين المعنى المنقول عنه إلى المعنى المنقول إليه، وهذا سيأتي أنه محصور في شيئين: مشابه، وغير مشابه.
الأول استعارة، والثاني مجاز مرسل. وهي محصورة، يعني العلاقة محصورة.
ثانيًا: لا بد من نصب قرينة تدل على أن اللفظ استعمل في غير ما وضع له، هذه القرينة مثل ماذا؟ رَأَيْتُ أَسَدًا، لو قلت: رَأَيْتُ أَسَدًا. الأسد يُدرك بالبصر، والأسد يستعمل استعمالين في لسان العرب بمعنى الحيوان المفترس، وبمعنى الرجل الشجاع. حينئذٍ إذا سُمِعَ رأيت أسدًا الأصل حمل اللفظ على الحقيقة وحيث ما استحال الأصل ينتقل إلى المجاز. إذًا تقول: الأصل أنه محمول على الحقيقة، فإذا قلت: رَأَيْتُ أَسَدًا. فالمراد به الحيوان المفترس، وهل يحمل على الرجل الشجاع؟ الجواب: لا، هنا يحتمل من حيث العلاقة الوجود العلاقة موجودة يعني كون الأسد شجاع والرجل الشجاع شجاع، حينئذٍ وجدت المناسبة بينهما، لكن لعدم وجود قرينة تدل على أن اللفظ استعمل في غير ما وضع له في لسان العرب فحينئذٍ امتنع حمل الكلام على المجاز، فنقول: رَأَيْتُ أَسَدًا. إذا أراد به الرجل الشجاع نقول: أخطأت الطريق. لماذا؟ لأن العرب لم تستعمل اللفظ في معنى آخر على جهة المجاز إلا بنصب قرينة، وأنت لم تأت بالقرينة، فإذا أردت المجاز تقول: رَأَيْتُ أَسَدًا يَخْطُبُ. إذًا يَخْطُبُ عرفت أن الأسد الحيوان المفترس لا يقعد على المنابر، إذًا تعرف أن المراد به الرجل الشجاع، إذًا يَخْطُبُ أو يَرْمِي أو رَأَيْتُ أَسَدًا فِي الْحَمَّام كما يقول بعضهم، نقول: هذا لا يمكن أن يحمل على الحيوان المفترس، فنرجع إلى المجاز. إذًا لا بد في استعمال اللفظ في غير ما وضع له في اصطلاح التخاطب أن يُراعى فيه أمران انتفاء واحد منهما يخل بالمجاز.
الأول: على وجه يصح. يعني علاقة بين المعنى المجازي والمعنى الحقيقة لا بد من رابطة، وهذه الرابطة هي المشابهة، أو ما يقابل المشابهة وهي علاقة المجاز المرسل الآتي ذكره.
الأمر الثاني: لا بد من نصب قرينة.