والمتعدد هذا المقابل للمركب بأن ينظر - يعني الناظر - إلى عدة أمور ويقصد اشتراك الطرفين في كل واحد منها، أي يكون كل منها وجهًا للشبه، يعني يُشَبِّهُ شيئًا بشيء في عدة أمور، ووجه الشبه يكون متعددًا، زَيْدٌ كَعَمْرٍو في كونه عالمًا أديبًا حييًّا هذه ثلاث صفات، شَبَّهْتَ زيد بعمرو في ماذا؟ في ثلاثة أشياء، وجه الشبه نقول: هنا متعدد. كل واحد من هذه الأمور هو وجه شبه، أليس كذلك؟ لأنك أردت ماذا؟ أردت اشتراكهما في صفة العلم، وفي صفة الأدب، والحياء. نقول: هذه الثلاثة. كلها مرادة، وكل واحد منها وجه شبه. هذا يُسمى ماذا؟ يسمى متعددًا، أما المركب فيخالف هذا.
إذًا المتعدد بأن ينظر الناظر إلى عدة أمور عدة أشياء ويقصد اشتراك الطرفين في كل واحد منها، أي يكون كل منها وجهًا للشبه، ولهذا يعني بهذا التعبير فارق المركب، فإنه لم يقصد فيه اشتراك الطرفين في كل من تلك الأمور بل في الهيئة المنتزعة أو في الملتئمة منها، بمعنى أن المركب مركب من عدة أشياء، ولكن لم يلاحظ فيه كل فرد على جهة الانفراد، وإنما هذه الأمور المتعددة لها هيئة انتزع من هذه الأمور المتعددة هيئة صار هو وجه الشبه، حينئذٍ الفرق بين المتعدد المركب أن كلاً منهما مركب من أجزاء، إلا أن المتعدد كل جزء من هذه الأجزاء هو وجه شبه بعينه، وأما المركب فلا، ليس كل جزء من هذه الأمور المتعددة هو وجه شبه، بل الهيئة العامة التي أخذها الناظر أو المتكلم الْمُشَبَّه أخذها من هذه الأمور المتعددة.
وهذه الأقسام الثلاثة: إما حسي، وإما عقلي. أمر واحد، متعدد، مركب.
الأمر الواحد: إما حسي وإما عقلي.
والمركب: إما حسي وإما عقلي.
والمتعدد: إما حسي وإما عقلي.
فهذه ستة أقسام، ويزيد الثالث الذي هو المتعدد بالاختلاف أي بعضه حسيّ وبعضه عقلي. حينئذٍ صارت القسمة سبعة، يعني المتعدد يكون كل من الطرفين حِسِّيَّيْنِ، ويكون كل من الطرفين عقليين، وقد يكونا مختلفين الأول حسيّ والثاني عقليّ أو بالعكس. والمراد بالحسيّ من وجه الشبه هنا ما يكون طرفاه حِسِّيَّيْنِ لا غير، يعني يكون الْمُشَبَّه حِسِّيًّا، ويكون الْمُشَبَّه به حِسِّيًّا، فلا يجوز أن يكون كلاهما أو أحدهما عقليًّا - انتبه هنا - اصطلاح خاص في وجه الشبه.