(وَذَا) أي وجه الشبه. إما واحدًا أو في حكمه، والمراد في قوله: ... (وَاحِدًا) ما يُعَدُّ في متعارف اللغة أمرًا واحدًا، يعني غير مركب، شيء واحد، سواء كان حقيقةً لا جزء له كمفهوم الجوهر، إن صح، أو لها جزء، لكن اعتبر أجزاؤها منضمًا بعضها إلى بعض ووضع بإزاء مجموعها لفظ مفرد، إذًا المراد بالواحد هنا: ما كان لفظًا مفردًا، سواء كان مدلوله شيئًا واحدًا أو كان شيئًا مركبًا لكنه بانضمامه بعضه إلى بعض صار شيئًا واحدًا. وهذا الذي عناه بقوله: (أوْ فِي حُكْمِهِ) أمرًا واحدًا، يعني شيء واحد لا يتجزأ، أو يكون متجزئًا لكنه لما انضم بعضه إلى بعض صار شيئًا واحدًا، ولذلك قال: (أوْ فِي حُكْمِهِ) يعني في حكم الواحد. ووضع بإزاء مجموعها لفظ مفرد فإنها بهذا الاعتبار تُعَدُّ أمرًا واحدًا كمفهوم الإنسان، الإِنسان ما مفهومه؟ مركب من شيئين وهو كونه حيوانًا ناطقًا، الحيوانية شيء، والناطقية شيء آخر. إذًا رُكِّبَ منهما وصار شيئًا واحدًا، صار هو مدلول الإنسان. لا ينفك الحيوان عن الناطق كما أنه لا ينفك الناطق عن الحيوان. إذًا صار لفظ إنسان مفردًا ومدلوله شيء واحد. ثم هذا الشيء الواحد ليس باعتبار الأصل وإنما بعد الانضمام كمفهوم الإنسان، وهذا هو الذي عناه الناظم بقوله: (أوْ فِي حُكْمِهِ). إما واحدًا (أوْ فِي حُكْمِهِ)، أي في حكم الواحد نُزِّلَ مُنَزَّلَتَهُ لكونه من أمرين أو أمور متعددة، وكل واحد منهما حسيّ أو عقليّ، يعني الأول هذا الذي وجه الشبه يكون واحدًا (أوْ فِي حُكْمِهِ) إن اعتبرناهما اثنين كل واحد منهما إما حسيّ وإما عقليّ، وعرفنا المراد بالحسيّ وهو المدرك بإحدى الحواس الخمس، والمراد بالعقلي وهو ما يُدرك بغير الحواس الخمس. (أَوْ لاَ كَذَا)، (أَوْ لاَ) يكون (كَذَا) يعني كالأمر الواحد ولا في حكمه، ودخل تحت هذا النوع نوعان:

- ما يسمى بالمركب.

- وما يسمى بالمتعدِّي.

إذًا (أَوْ) هذا للتنويع، عطف على قوله: (وَاحِدًا أوْ فِي حُكْمِهِ) أي لا يكون واحدًا ولا في حكم الواحد بأن يكون متعددًا أو مركبًا، فدخل تحت قوله: (أَوْ لاَ كَذَا) نوعان. حينئذٍ وجه الشبه: إما واحدًا، وإما مركبًا، وإما متعددًا. (أوْ فِي حُكْمِهِ) هذا لا يذكره كثير من البيانيين، إنما هو تصرف من الناظم لعله تبع أحدًا ما، (أَوْ) ثلاثة أنواع: إما واحدًا أمرًا واحدًا، وإما أن يكون متعددًا، وإما أن يكون مركبًا. والمركب لا شك أنه مأخوذ من متعدد. هذا مركب معناه أجزاء، والمتعدد لا شك أنه أجزاء، والفرق بينهما كما سيأتي.

والمركب من متعددٍ:

- إما تركيبيًا حقيقيًّا بأن يكون وجه الشبه حقيقةً ملتئمةً من أمور مختلفة.

- أو تركيبًا اعتباريًّا بأن يكون هيئة انتزعها العقل من عدة أمور.

إذًا المركب من متعددٍ إما أن يكون تركيبًا حقيقيًّا، وهذا متى؟ أن يكون وجه الشبه حقيقةً ملتئمة، يعني مأخوذة من عدة أمور، أو يكون اعتباريًّا بأن يكون هذه الصورة لا وجود لها في الخارج وإنما انتزعها العقل من عدة أشياء، وبالمثال يتضح المقام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015