إذا علمت ذلك فاعلم أن ما به، ما أي اللفظ اسم موصول بمعنى الذي يصدق على اللفظ، ما به أي اللفظ المراد به لازم ما وضع له، لازم ما أي لازم معنًى موضوع له أي اللفظ، موضوع له، له الضمير يعود إلى اللفظ. وقوله (مَا بِهِ) الضمير يعود إلى ما يعني اللفظ الذي يُراد به لازم ما، يعني لازم معناه، لأن دلالة الجزء على الكلِّ هذا لازم عندنا لأنها عقلية، ليست وضعية الصحيح أنها وضعية لكن على كلام البيانين هي عقلية، إذا البحث هنا في دلالة في اللازم، وهو دلالة الكلِّ على الجزء إنما علمت جهتك اللزوم العقلي، ودلالة المعنى على لازم خارج له أو عنه، إذًا فما به، أي اللفظ المراد به لازم معنى ما، معنى موضوع له اللفظ المراد به لازم ما وضع به. إذا المراد بهذا التركيب المراد به لازم ما وضع له، يعني اللفظ المراد به لازم ما وضع له سواء كان جزءًا، ودخلت دلالة التضمن أو خارجًا دخلت دلالة الالتزام، أي سواء كانت اللازم داخلاً كما في التضمن أو خارجًا كما في دلالة الالتزام. إما أن تقوم قرينة على عدم إرادة ما وُضِعَ له فهو مجاز، دلالة اللفظ على اللازم سواء كان جزءًا أو خارجًا، إما أن تقوم قرينة على أن اللفظ اسْتُعْمِلَ في غير ما وُضِعَ له فهو مجاز. ولذلك قال: (إِمَّا مَجَازٌ). إما أن تقوم قرينة على عدم إرادة ما وضع له فهو مجاز، ثم المجاز منه الاستعارة، والاستعارة هي مجاز علاقته المشابهة، إذًا التشبيه أصل للاستعارة، ولذلك قال: (مِنْهُ الاستِعَارَةُ) هكذا (مِنْهُ) أي من المجاز (الاستِعَارَةُ) وهي نوع من أنواع المجاز، تُبنى، أي هي الاستعارة على التشبيه فلزم ذكر (التَّشْبِيهِ)، (أَوْ كِنَايَةُ) عطف على قوله: (مَجَازٌ) فانحصر المقصود من البيان في هذه الثلاثة.

إذا مجاز هذا إذا قامت قرينة على عدم إرادة ما وُضِعَ له اللفظ، ثم المجاز منه (الاستِعَارَةُ) وهي تبنى على (التَّشْبِيهِ) الذي كان أصلها أو أصلهما فتعين التعرض له أيضًا قبل المجاز الذي أحد أقسام الاستعارة، أو كناية هذا عطف على سابقه. إذا كأنه قال: فما به لازم ما وضع له إما مجاز أو كناية هذا الأصل، إما مجاز أو كناية، أو للتنويع، فقسم لك المقاصد أو المقصودين إلى نوعين: مجازًا أو كناية. ولما كانت الاستعارة وهي نوع من المجاز مبناها على التشبيه لزم أن يذكر التشبيه فلذلك يذكرون التشبيه أول ما يتكلمون عنه.

المقصد الأول من المقاصد الثلاث، إذا ما عرفنا هذه المقدمة المقصد الأول هو التشبيه: التَّشْبِيه مصدر شَبَّهَ يُشَبِّهُ تَشْبِيهًا من باب التَّفْعِيل، وهو في الاصطلاح عند البيانين: الدلالة على مشاركة أمر للآخر في معنًى. الدلالة إذا عندنا الدلالة، لا بد أن نعرف ماذا الدلالة؟ وقد سبق معنا، وعرفنا أنواع الدلالة وقد سبق معنا، وعرفنا أن الوضعية ليست مرادًا هنا، فإن قيل أن التشبيه من الدلالة الوضعية حينئذٍ كيف يُبحث في علم البيان؟

أجبنا بأن البحث بالتشبيه ليس من علم بيان ابتداءً، وإنما هو مذكور لما يتعلق بعلم البيان، لأن بحث البيانين هنا في هذا الفن علم البيان في الدلالة العقلية، والتشبيه ليس من هذا الأصل، فكيف يذكر؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015